مدّة الحكم: قصيرة أم طويلة؟
لا يتأتّى الإفصاح عن رأي قاطع في مدّة حكومة الإمام المهديّ علیه السلام ؛ لضعف أكثر أحاديث هذا الباب، وضرورة وجود أدلّة تبعث على الاطمئنان في المسائل العقائديّة والتاريخيّة.
ومن اعتبر مدّة حكومة الإمام عليهالسلام قصيرة (سبع سنوات) على أساس مقارنتها بحكومة النبيّ صلىاللهعليهوآله في المدينة (وهي ثمان إلى عشر سنوات) لم يلتفت إلى افتراق هاتين الحكومتين ؛ لأنّ المجتمع الإسلاميّ في صدر الإسلام صغير جدّاً حينذاك وفي نطاق شبه الجزيرة العربيّة لا في جميع أنحاء الأرض، كما هو مقرّر لحكومة الإمام المهديّ علیه السلام العالميّة أن تبسط نفوذها على كلّ العالم، وتهدي جميع سكّانه إلى الصراط المستقيم، وتأخذ بأيديهم نحو الدين الإسلاميّ الحنيف، ومهما فرضنا سرعة مثل هذا الأمر، فلا يمكن حدوثه في سبع أو ثمان أو تسع سنوات ؛ ولذلك لا يمكن القبول برأيه في هذا الموضوع.
والآراء الأُخرى لا تملك دليلاً قويّاً يمكن الاعتماد عليه أيضاً، وبخاصّة لو نظرنا إلى تعارض أحاديث هذا الباب لَتفادينا الإدلاء بحكم قطعيّ.
وفي الوقت ذاته ينبغي الالتفات إلى أنّ استقرار حكومة عادلة في أرجاء الأرض بعد قرون من حكومة الكفر والظلم، يتطلّب جهداً طويلاً وواسعاً، وينبغي حضور الإمام المهديّ علیه السلام أو خلفائه لسنوات في العالم للتمكّن من تحقيق جميع أهدافهم عمليّاً. والقبول بكون الناس منتظرين لتحقّق العدالة المهدويّة لعدّة قرون وتحمّلهم الكثير من المشاكل والمصاعب في هذا السبيل، ثمّ عدم استمرار هذه الحكومة إلاّ بعض سنين، ثمّ انتهاء العالم، هو أمر بعيد عن الذهن كلّ البعد، بل ينبغي على الأقلّ استمرار نظام الحكومة المهدويّة لزمن طويل.
كما أنّ من الصعب تصوّر عدم حضور الإمام المهديّ علیه السلام في النظام المهدويّ ـ الذي يتشكّل بعد قرون من الانتظار ـ ووفاته بعد سبع سنوات فقط، فالبشريّة تنتظره طوال قرون وتدعو له، وأمَرَ أهلُ البيت عليهمالسلام بالدعاء لبقائه على الأرض وتمتُّعِه فيها طويلاً بعد استقرار حكومته: «اللّهُمَّ كُن لِوَليِّكَ الحُجَّةِ ابنِ الحَسَنِ... حَتّى تُسكِنَهُ أرضَكَ طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها