بِما فِي الجَفرِ الأَبيَضِ، وإِنَّ القائِمَ يَسيرُ فِي العَرَبِ بِما في الجَفرِ الأَحمَرِ.

قالَ: فَقُلتُ لَهُ: جُعِلتُ فِداك، ومَا الجَفرُ الأَحمَرُ؟ قَالَ: فَأَمَرَّ إِصبَعَهُ إِلى حَلقِهِ فَقالَ: هكذَا؛ يَعنِي الذَّبحَ. ثُمَّ قالَ: يا رُفَيدُ، إِنَّ لِكلِّ أَهلِ بَيتٍ مُجيباً شاهِداً عَلَيهِم شافِعاً لِأمثالِهِم.^۱

وقال رُفيد في حديث آخر:

۰.قالَ لي: يا رُفَيدُ، كَيفَ أَنتَ إِذا رَأيتَ أصحابَ القائِمِ قَد ضَرَبوا فَساطيطَهُم في مَسجِدِ الكوفَةِ، ثُمَّ أَخرَجَ المِثالَ الجَديدَ عَلَى العَرَبِ الشَّديدَ؟ قالَ: قُلتُ: جُعِلتُ فِداك ما هُوَ؟ قالَ: الذَّبحُ.

قالَ: قُلتُ: بِأيِّ شَيءٍ يَسيرُ فيهِم؛ بِما سارَ عَليُّ بنُ أَبي طالِبٍ في أهلِ السَّوادِ؟ قالَ: لا يا رُفَيدُ، إنَّ عَلِيّاً عليه‏السلام سارَ بِما فِي الجَفرِ الأبيَضِ وهُوَ الكَفُّ، وهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ سَيُظهَرُ عَلى شيعَتِهِ مِن بَعدِهِ، وإنَّ القائِمَ يَسيرُ بِما فِي الجَفرِ الأحمَرِ وهُوَ الذَّبحُ، وهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ لا يُظهَرُ عَلى شيعَتِهِ.^۲

ويعتبر الجفر الأحمر من المصادر العلميّة لدى المعصومين عليهم‏السلام التي اُتيح التصرّف بها لجميع الأئمّة عليهم‏السلام، وعهد بها كلّ منهم عند وفاته إلى الآخر. والخصّيصة العامّة لمحتوى الجفر الأحمر وفقاً للدلالة الظاهريّة لهذا الحديث هي اشتماله على أحكام الحرب والقضايا العسكريّة والشؤن الدفاعيّة، ولعلّ كلمة السلاح عنوان يشير إلى تلك الخصّيصة. واستخدم هذا الحديث عنوان صاحب السيف أيضاً للتعريف بالإمام المهديّ علیه السلام .

تقييم النوع الأوّل

نُقلت الأحاديث الخمسة لـ «صاحب السيف» في المصادر الروائيّة الشيعيّة القديمة مثل الكافي، وأصل جعفر بن محمّد الحضرميّ؛ وهو أحد مؤّفي الأُصول الأربعمئة، وكمال الدين للشيخ الصدوق، والغيبة للنعمانيّ. وامتازت مصادر أحاديث صاحب السيف باعتبار

ه ـ صاحب السيف وارث السنّة

صاحب السيف وارث أحاديث المعصومين:، ولا يملك أحد علم نقل الحديث مثله، وأكّد الإمام الصادق عليه‏السلام في بعض الروايات على مرجعيّة ومعرفة الإمام المهديّ علیه السلام بأحاديث أهل البيت علیهم السلام بصفته الشخص الوحيد المطّلع على الأحاديث، بحيث لو لم يُسأل الإمام لن يوجد أحد ينقل حديثه حتّى يقوم صاحب السيف. قال الإمام الصادق عليه‏السلام في حديث:

۰.سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني، فَإِنَّكم إن فَقَدتُموني لَم تَجِدوا أحَداً يُحَدِّثُكم مِثلَ حَديثي، حَتّى يَقومَ صاحِبُ السَّيفِ.^۱

ومع الأخذ بنظر الاعتبار القرائن داخل النصّ مثل «القيام بالسيف»، والقرائن الخارجة عن النصّ مثل الأحاديث المماثلة في الدلالة، فالمقصود من صاحب السيف في هذا الحديث هو شخص الإمام المهديّ علیه السلام .

و ـ الجَفر الأحمر معيار القضاء لدى صاحب السيف

ما يُنجزه الإمام المهديّ علیه السلام من أعمال دفاعيّة وعسكريّة تتطابق مع الأحكام الإسلاميّة ؛ لأنّه سيستفيد ممّا يُسمّى بـ «الجفر الأحمر» كمصدر لقضائه في أحكام القتل والجرح. قال حسين بن أبي العلاء:

سَمِعتُ أبا عَبدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام يَقولُ: إنَّ عِندِي الجَفرَ الأَبيَضَ... قالَ: قُلتُ: وَأَيُّ شَيءٍ فِي الجَفرِ الأَحمَرِ؟ قالَ: السِّلاحُ، وَذلِك إنَّما يُفتَحُ لِلدَّمِ، يَفتَحُهُ صاحِبُ السَّيفِ لِلقَتلِ.^۲

وفي حديث آخر، قال رُفَيد من أتباع أبو هُبَيرة^۳:

قُلتُ لأبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: جُعِلتُ فِداك يَا بنَ رَسولِ اللّه‏ِ، يَسيرُ القائِمُ بِسيرَةِ عَلِيِّ بنِ أَبِى طالِبٍ في أَهلِ السَّوادِ؟ فَقالَ: لا يا رُفَيدُ، إِنَّ عَلِيَّ بنَ أَبي طالِبٍ سارَ في أَهلِ السَّوادِ