والسياسيّة للمجتمع الإسلاميّ، فمثلاً أشار الإمام عليّ عليهالسلام في خطبته لأهل الكوفة إلى هذا الأمر على أنّه أحد الأُصول الستراتيجيّة للأئمّة عليهمالسلام، وهو أنّ الإمام المعصوم لا يرتكب فساداً لإصلاح الآخرين، حيث صرّح الإمام عليهالسلام بأنّه على الرغم من علمه بأنّ الطريق الوحيد لإصلاح أهل الكوفة هو السيف، لكنّه لن يقدم عليه ؛ لاستلزامه الفساد في شخص الإمام:
۰.إنّي لَعالِمٌ بِما يُصلِحُكُم ويُصلِحُ أوَدَكُم، ولكِنّي لا أرى إصلاحَكُم بِإِفسادِ نَفسي.۱
عرّف الإمامُ عليّ عليهالسلام بهذا الكلام أنّ استراتيجيّة الإمامة في الإصلاح الدينيّ تختلف تماماً عن القتل والاستبداد المعرفيّ ؛ ولذلك يمكن اعتبار الحكمة الرئيسة في تأخير القيام المهدويّ هي عدم تهيّؤالأرضيّة الثقافيّة على المستوى العالميّ لتحقّقه.۲
وبكلمة أُخرى: إنّ أهمّ عامل إنسانيّ مؤّر في حصول هذا القيام هو الاستعداد الفكريّ، والرؤة الموحّدة في إدارة العالم من قبل الإنسان الكامل، وما لم يتحقّق ذلك، فسيتأخّر القيام أو لن يحدث.
وأشار القرآن الكريم في الآية التالية إلى أصل «إرادة قبول الإنسان للتغيير» على أنّها إحدى السنن الإلهيّة في التحوّلات الفرديّة والاجتماعيّة:
«إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ».۳
وقيام الإمام المهديّ علیه السلام من أتمّ مصاديق هذا التغيير، وسيحدث في إطار السنن الإلهيّة ـ وبالطبع ـ عند تأهّب جماهير الشعب لقبول الحكومة المهدويّة، وحقّ على أئمّة المستكبرين والمعاندين فقط أن يذوقوا طعم عقاب الإمام عليهالسلام وسيفه.