وذكر السيّد ابن طاووس في الملاحم حديثاً عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله تكلّم فيه عن نزول عيسى عليهالسلام وحكمه في قسم من الأُمّة، فقال:
۰.ويَكونُ عيسَى في اُمَّتي حَكَما عَدلاً، وإماما مُقسِطا، يَدُقُّ الصَّليبَ، ويَقتلُ الخِنزيرَ، ويَضَعُ الجِزيَةَ، ويَترُكُ الصَّدَقَةَ.۱
وجاءت عبارة «يضع الجزية» في نصّ هذا الحديث أيضاً، وفُسّرت بمعنى إبطال الجزية.
النظريّة الثالثة: وحدة الدين وكثرة الشرائع في المجتمع المهدويّ
ميّزت كتب اللغة بين الدين والشريعة، فيرى علماء اللغة أنّ الدين موضوع أعمّ والشريعة أخصّ۲، فالدين كالبحر، والشرائع كالروافد المتفرّعة منه.
وأشار المفسّرون أيضاً إلى هذا الاختلاف، فنذكر على سبيل المثال رأي العلاّمة الطباطبائيّ في تفسيره الثمين الميزان، حيث قال:
الظاهر من القرآن أنّه يستعمل الشريعة في معنىً أخصّ من الدين، كما يدلّ عليه قوله تعالى: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الاْءِسْلاَمُ»۳، وقوله تعالى: «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاْءِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ».۴
۰.ويتّضح بجلاء من هاتين الآيتين أنّ كلّ طريقة ومسلك في عبادة اللّه تعالى هي دين، ولكنّ الدين المقبول عند اللّه هو الإسلام فحسب، فللدين إذن معنىً عامّ واسع من المنظور القرآنيّ.