معارضة الروايات الغفيرة الدالّة بأجمعها على بداية القيام من مكّة ؛ لأنّ جميع الأحاديث المشار إليها فاقدة للسند أو مرسلة، ولم ينقل أحاديث الظهور من المغرب إلاّ القاضي النعمان، وحديثَ المغرب الأقصى إلاّ القرطبيّ، وكلاهما لم يحظيا بتأييد سائر المحدّثين.
وبناء عليه يحتمل كون هذه الروايات موضوعة لتأييد حكومة الفاطميّين، أو تقوية أصحاب الادّعاءات المهدويّة الكاذبة في شمال أفريقيا وغرب العالم الإسلاميّ. وما يقوّي هذا الاحتمال هو انحصار وجود هذه الروايات في كتابين متعلّقين بغرب العالم الإسلامي، الأوّل: شرح الأخبار تأليف القاضي النعمان مفتي حكومة الفاطميّين في مصر وشمال أفريقيا، والآخر: التذكرة تأليف القرطبيّ العالم الأندلسيّ.
والاحتمال الآخر: أنّ هذه الأحاديث هي نتيجة فهم خاطئ وشبه تحريف لأحاديث ظهور الشمس من المغرب، حيث يُعدّ من علامات ظهور الإمام المهديّ عليهالسلام.
وحريّ بالاهتمام أنّ القاضي النعمان الناقل الوحيد للأحاديث المرسلة الدالّة على الظهور من المغرب، نقل كذلك الرواية التالية الناظرة إلى بداية القيام من مكّة، والمنسجمة مع سائر الأحاديث:
عن الدغشي يرفعه الى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله، أنّه قال:
يَخرُجُ بَعدي مِن بَني هاشِمٍ رَجُلٌ يُبايِعُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ، فَيَغلِبُ صاحِبَ الشّامِ أربَعَةَ آلافٍ يُخسَفُ لَهُم بِالبَيداءِ، ثُمَّ يسيرُ إلَيهِم، وَالمَحرومُ مَن حُرِمَ غَنيمَتَهُم، ثُمَّ يَملِكُ بَعدَ ذلِكَ سَبعَ سِنينَ.۱
وإضافة إلى ذلك ورد في روايات عديدة أنّ الخارج من المغرب أو الشام هو السفيانيّ۲