وتصوّر هؤاء أنّهم يعلمون هو في الواقع نوع من الجهل المركّب، حيث يشعر الشخص بالعلم ولكنّه جاهل في الحقيقة، ويحسب تصوّره وتخيّله وتوهّمه علماً.
۱۰ ـ يبيّن سياق الأحاديث الناهية عن التوقيت أنّ التعيين القطعيّ لزمن الظهور وبيانه للآخرين أمر مستهجن وسيّئ وخاطئ دائماً، ولهذا فتجنّب هذا النوع من الكلام والأُسلوب هو أمر مستحسن ولائق، وعلى الجميع ـ سواء من ظنّ معرفة زمان الظهور أو من تبعهم على ذلك عَمىً وضَلالاً ـ أن يعلموا بأنّ هذا الطريق منزلق ضالّ لن يؤّي إلى الغاية المنشودة.
۱۱ ـ تمثّل هذه الأحاديث ناقوس خطر لمستمعي ومخاطبي الوقّاتين، ليعلموا أنّ هذه الطريقة من الكلام أو الإشارة والإعلان لا تهدي إلى الصواب أبداً، فردّة الفعل المناسبة حيال الوقّاتين هي عدم الاكتراث بهذه الثقافة ومكافحتها وبيان أخطائهم بصراحة ؛ لكيلا يتّبع أحد هذا النهج وينخرط في لعبة المريد والمراد.
۱۲ ـ تكاثرت موارد ومصاديق تعيين وقت الظهور بين الشيعة وأهل السنّة، وحتّى بين أهل الكتاب منذ القرن الأوّل الهجريّ إلى الوقت لحاضر، وسنشير إلى بعضها في مواصلة البحث. وبعض المؤّتين أشخاص لهم ظاهر مقدّس أصرّوا على اطّلاعهم وإعلانهم عن الوقت الذي حدّدوه، ولكنّ مرور الزمان أثبت خطأهم جميعاً. والتجربة السابقة في بطلان جميع موارد التوقيت للظهور تبدي لنا أنّ ادّعاءات المتأخّرين وخصوصاً المعاصرين ما هي إلاّ نظير ادّعاءات تلك الجماعة: حدسيّة منبثقة عن تصوّرات باطلة أو تخيّلات وأوهام لا ينبغي الالتفات إليها، فالماضي نبراس لطريق المستقبل.
۱۳ ـ بسبب وجود هذه الأحاديث والأدلّة القائمّة عليها، تأسّست ثقافة عدم تعيين وقت الظهور بين علماء الشيعة البارزين، ولم يعيّن أيُّ فقيه أو عالم بارز من الطراز الأوّل وقتاً للظهور على نحو التحديد والتعيين، فمع حيازة علماء الشيعة البارزين ـ ولاسيّما المجتهدين والفقهاء ـ لمكانة متميّزة في سعة العلم، والمقبوليّة العامّة والاجتماعيّة في المجتمع الشيعيّ الذي يُصغي إليهم ويرتضي آراءهم، مع كلّ ذلك لم يصدر في أيّ وقت عنهم نظير هذا الكلام غير العلميّ، وهم جديرون بمثل هذه المواقف.