279
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

وهذا الاستدلال مخدوش من جهتين:

أوّلاً: أيّ دليل عقليّ أثبت وجوب تفعيل الخاصيّة الوجوديّة لكلّ مخلوق؟ فغاية ما يمكن قوله: إنّه يستحسن عقلاً إيجاد فرصة لإيصال هذه السعة الوجوديّة إلى الكمال، ولكن لا يمكن استنتاج الضرورة والإلزام من ذلك.

ثانياً: لو صحّت قاعدة «القسر لا يدوم»، فهي إنمّا تجري في الأُمور المتعلّقة بالطبيعة، وأمّا الأُمور الإنسانيّة التي يُتعامل فيها مع إرادة البشر، فلا يصحّ بشأنها الحديث عن القسر، بل لايوجد هنا قسر لنتحدّث عن دوامه أو عدمه. نعم، نستطيع التحدّث ـ كما قلنا ـ عن استحسان هذه الأُمور، ولكنّ إثبات الضرورة العقليّة يفتقر إلى استدلال أقوى ومؤنة أكثر.

ولا حاجة إلى تكلّف الإثبات العقليّ في مثل هذه الأُمور ؛ لوجود أدلّة قرآنيّة وحديثيّة محكمة على إمكانيّة الرجعة ووقوعها، كما أنّ الأحاديث الواردة في الموضوع تفوق حدّ التواتر.

أدلّة وشبهات مخالفي الرجعة

حاول مخالفو الرجعة تقديم أدلّة على موقفهم، ونقل الشيخ الحرّ العامليّ شبهاتهم وردّ عليها بالتفصيل۱، فبعضها مجرّد استبعاد۲، وبعض آخر استند إلى أدلّة نقليّة، وبعض ثالث ادّعى فقدان الدليل على إثبات الرجعة. ولكنّ وجود الأدلّة القرآنيّة على وقوع الرجعة ـ كما تقدّم ـ لا يدع مجالاً للاستبعاد، ولا قبولاً لدعوى فقدان الدليل، وبناء عليه ينبغي التحرّي فقط عن وجود دليل على نفي الرجعة يتعارض مع أدلّة إثباتها.

1.. راجع: الإيقاظ من الهجعة: ص ۴۰۶ وما بعدها.

2.. أصل إشكالات المخالفين ناشئ من هذا الاستبعاد وفقاً لما قاله الشيخ الحرّ العاملي، وقد ردّ عليها بستّة إجابات. راجع: الإيقاظ من الهجعة: ص ۴۰۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
278

الأنبياء في بعض الأحاديث المتعلّقة برجعتهم، وهناك أحاديث أُخرى تكلّمت عن طول عمر مضاعف لأصحاب الرجعة۱، أو عن العجب بين جمادى ورجب بسبب لقاء الأموات مع الأحياء.۲

وهذه الأحاديث ضعيفة ولا حاجة في الاستناد إليها خلال استدلالنا على الرجعة.

سائر أدلّة الرجعة

استعان كثير من علماء الشيعة بالإجماع لإثبات عقيدة الرجعة، ولا شكّ في أنّ الشيعة أجمعوا على تلك العقيدة وبخاصّة في العصور المتقدّمة، وأقرّ بهذا الإجماع أيضا المخالفون [لمسألة الرجعة]، إلاّ أنّهم لم يعدّوه حجّةً ؛ لأنّ الإجماع يكون حجّة فيما إذا أصبح طريقاً قطعيّاً لإثبات رأي المعصوم. ولكنّ الظاهر أنّه مع توفّر الأدلّة القرآنيّة والحديثيّة المتعدّدة، تنتفي الحاجة إلى الإجماع لإثبات رأي المعصوم، وإن كان وجود مثل هذا الإجماع يزيد من الاطمئنان بوقوع الرجعة ولا يترك مجالاً للشكّ فيها.

وأراد بعض المفكّرين۳ الاستدلال العقليّ على ضرورة الرجعة بما ذُكر من الحِكم فيها، وحاولوا القول من خلال تقديمهم لأربع مقدّمات بأنّ هناك موانع حالت دون تفعيل الخصائص الوجوديّة للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والأئمّة الأطهار عليهم‏السلام ولا يمكن لذلك أن يدوم ؛ لأنّ «القسر لا يدوم»۴، وبناء عليه يجب عقلاً وقوع الرجعة.

1.. مختصر بصائر الدرجات: ص ۱۸، بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۶۵ ح ۵۶. وبعض رواة هذا الحديث من المجاهيل.

2.. الهداية الكبرى: ص ۳۶۲، بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۷۷ ـ ۷۸. واشتمل الحديثان على رواة مجاهيل.

3.. منهم: السيّد أبو الحسن الرفيعيّ القزوينيّ في رسائل ومقالات فلسفي، مسئله رجعت بالفارسيّة.

4.. القسر : في مقابل الطبع، ومرادف للجبر. والحركة القسريّة : حركة مخالفة للرغبة، وهي الحركة التي تُفرَضعلى الجسم من الخارج. والدافع لحركة الأجسام إمّا رغبتها وطبعها حيناً، وإمّا عامل خارجيّ حيناً آخر، ويُطلق على الأخير الحركة القسريّة راجع: فرهنگ معارف إسلامي ـ بالفارسيّة ـ : ج ۳ ص ۱۴۷۹ و مأخوذ عن الشفاء: ج ۱ ص ۱۰۹ والأسفار الأربعة: ج ۳ ص ۱۲۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8305
صفحه از 457
پرینت  ارسال به