وهذا الاستدلال مخدوش من جهتين:
أوّلاً: أيّ دليل عقليّ أثبت وجوب تفعيل الخاصيّة الوجوديّة لكلّ مخلوق؟ فغاية ما يمكن قوله: إنّه يستحسن عقلاً إيجاد فرصة لإيصال هذه السعة الوجوديّة إلى الكمال، ولكن لا يمكن استنتاج الضرورة والإلزام من ذلك.
ثانياً: لو صحّت قاعدة «القسر لا يدوم»، فهي إنمّا تجري في الأُمور المتعلّقة بالطبيعة، وأمّا الأُمور الإنسانيّة التي يُتعامل فيها مع إرادة البشر، فلا يصحّ بشأنها الحديث عن القسر، بل لايوجد هنا قسر لنتحدّث عن دوامه أو عدمه. نعم، نستطيع التحدّث ـ كما قلنا ـ عن استحسان هذه الأُمور، ولكنّ إثبات الضرورة العقليّة يفتقر إلى استدلال أقوى ومؤنة أكثر.
ولا حاجة إلى تكلّف الإثبات العقليّ في مثل هذه الأُمور ؛ لوجود أدلّة قرآنيّة وحديثيّة محكمة على إمكانيّة الرجعة ووقوعها، كما أنّ الأحاديث الواردة في الموضوع تفوق حدّ التواتر.
أدلّة وشبهات مخالفي الرجعة
حاول مخالفو الرجعة تقديم أدلّة على موقفهم، ونقل الشيخ الحرّ العامليّ شبهاتهم وردّ عليها بالتفصيل۱، فبعضها مجرّد استبعاد۲، وبعض آخر استند إلى أدلّة نقليّة، وبعض ثالث ادّعى فقدان الدليل على إثبات الرجعة. ولكنّ وجود الأدلّة القرآنيّة على وقوع الرجعة ـ كما تقدّم ـ لا يدع مجالاً للاستبعاد، ولا قبولاً لدعوى فقدان الدليل، وبناء عليه ينبغي التحرّي فقط عن وجود دليل على نفي الرجعة يتعارض مع أدلّة إثباتها.