273
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

إلاّ عند الاضطرار، إضافة إلى حاجة كلّ تأويل إلى قرينة ودليل، ولم يُذكر أيّ دليل على هذه التأويلات.

وأكثر هؤاء المفسّرين نقل قراءة أُخرى تغيّر المعنى تماماً، فقد اعتمدوا قراءة «ميثاق أهل الكتاب» بدلاً من «ميثاق النبيّين» ؛ لكي تنتفي الحاجة إلى هذه التأويلات، ولكن لم يرجّح هذه القراءة أيّ منهم.۱

كما نقل ابن كثير عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام وابن عبّاس أنّ هذه الآية تقول: لو بعث نبيّ الإسلام صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وكان هؤاء الأنبياء أحياء، لوجب عليهم الإيمان به ونصرته.۲

والظاهر أنّ ابن كثير لا يريد القبول بالرجعة، ويعتبر حياة سائر الأنبياء في زمن حياة نبيّ الإسلام صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أمراً افتراضيّاً، ولكنّه يبيّن بالرواية التي ينقلها إمكانيّة هذا التزامن في نظر بعض الصحابة. ومن جهة أُخرى فإنّ اللّه‏ تعالى لا يأخذ من النبيّين ميثاقاً غير مُجدٍ وبدون مصداق، وبخاصّة في مثل هذا الميثاق الغليظ الشديد، ولابدّ من وجود مصداق له، وهو الرجعة فقط. ونقل هذا الحديث عدد من مفسّري أهل السنّة أيضاً.۳

وفي رواية تفسير النعمانيّ عن أمير المؤنين عليه‏السلام تمّ الاستناد إلى عدد من الآيات القرآنيّة، منها هذه الآية۴ التي إن لم تعتبر دليلاً قاطعاً على إثبات الرجعة، فهي مؤّدة لها في الأقلّ.

الأدلّة الحديثيّة على الرجعة

تكاثرت الأحاديث المنقولة عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأهل البيت عليهم‏السلام في الرجعة بحيث لا تُبقي

1.. أشار إلى هذه القراءة جميع التفاسير المذكورة تقريباً.

2.. تفسير ابن كثير: ج۲ ص ۵۶.

3.. مثل: الطبريّ في جامع البيان: ج ۳ الجزء ۳ ص ۳۳۲ وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم: ج ۲ ص ۶۹۴والسيوطيّ في الدرّ المنثور: ج ۲ ص ۲۵۲ والنيشابوريّ في تفسير غرائب القرآن: ج ۲ ص ۱۹۸ والقرطبيّ في الجامع لأحكام القرآن: ج ۴ ص ۱۲۵.

4.. راجع: بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۱۱۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
272

عكرمة وآخرين ـ لظاهر الآية، ولا دليل على ضرورة وجواز هذا التأويل.۱

الآية الخامسة:

«وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ».۲

تذكر هذه الآية عهداً جادّاً ومؤّداً أخذه اللّه‏ من الأنبياء السالفين، وينبغي عليهم ـ وفقاً لهذ العهد ـ الإيمان برسول اللّه‏ ونصرته، ووثّق اللّه‏ هذا العهد بأنواع التأكيدات والإقرارات والاستشهادات، ولم تحدث هذه النصرة حتّى الآن بنحو واضح وكامل، ويُتوقّع أن تحدث في الرجعة، وإذا لم تحدث فلا يتلاءم ذلك مع كلّ هذا التأكيد والإصرار على العهد.

ويمكن تصوّر مصاديق ضعيفة من النصرة تحقّقت سابقاً ؛ مثل دعوة الأنبياء أتباعهم إلى القبول بالنبيّ الذي سوف يأتي بعدهم۳، أو المقصود من الأنبياء الذين أُخذ الميثاق منهم ليس هم بذواتهم، بل أبناؤم۴. وبعض الباحثين لم يعتبر المراد من الرسول هو نبيّ الإسلام، بل عمّمه وقال: كلّما يأتي نبيّ جديد، وجب على السابقين الإيمان به ونصرته.

ولكنّ هذه المعاني لا تنسجم مع الظهور الأوّلي للآية، ولا ينبغي الالتجاء إلى التأويل

1.. الأعجب من فعل الطبريّ ما قام به ابن كثير في تفسيره ج ۵ ص ۳۶۶، حيث ذكر رأي الإمام الباقر عليه‏السلامإلىجانب رأي ابن عبّاس وقتادة وآخرين ممّن فسّروا الرجعة على أنّها الرجوع إلى الدنيا قبل يوم القيامة، ثمّ سكت ولم يكمل حديث الإمام الذي اعتبر الآية دالّة على رجعة جماعة أُخرى من الناس. وهنا تتّضح مدى أمانة هؤاء المفسّرين!

2.. آل عمران: ۸۱ .

3.. عرض هذا التأويل كثير من مفسّري أهل السنّة؛ كالطبريّ في جامع البيان: ج ۳ الجزء ۳ ص ۳۳۲ والنيشابوريّ في تفسير غرائب القرآن: ج ۲ ص ۱۹۸ وآل سعدي في تفسير الكريم الرحمن: ج ۱ص ۱۴۴ وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم: ج ۲ ص ۶۹۴، وغيرهم.

4.. احتمل ذلك النيشابوريّ في تفسير غرائب القرآن: ج ۲ ص ۱۹۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8289
صفحه از 457
پرینت  ارسال به