267
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

ببقاء أسمائهم حيّة، والأخذ بثأرهم، ومدحهم على ألسن الناس، ونورانيّتهم ويقينهم الباطنيّ، وقصر عمر دولة الباطل، والأخطار والمشاكل التي يتعرّضون لها ؛ لأنّها تسبّب رفعة مقامهم ودرجتهم.۱

واختار أغلب مفسّري أهل السنّة تأويلاً واحداً أو أكثر من هذه التأويلات۲. وأضاف بعض آخر عدّة تأويلات، من قبيل: النظر إلى عاقبة أمر العالم۳، واقتداء الناس بسيرتهم۴، وكفاية نصرة أغلب الرسل.۵

وكما يلاحظ، فهذه التأويلات بأجمعها غير مقبولة عندما يوجد تفسير صحيح ومطابق لظاهر الآية، إضافة إلى أنّ كلّ تأويل ينبغي أن يستند إلى دليل وقرينة، ولم يُقم أيّ واحد من هؤاء المفسّرين أيَّ دليل على التأويلات المذكورة.

والتفسير الوحيد الصحيح والخالي من التأويل هو القبول بالرجعة في آخر الزمان، ويوم

1.. مفاتيح الغيب: ج ۲۷ ص ۵۲۳ ـ ۵۲۴.

2.. منهم: عبد الكريم الخطيب في التفسير القرآنيّ للقرآن: ج ۱۲ ص ۱۲۴۶ والبروسويّ في روح البيان: ج ۸ ص ۱۹۴ والمراغيّ في تفسير المراغيّ: ج ۲۴ ص ۸۲ والمظهريّ في التفسير المظهريّ: ج ۸ ص ۲۶۴ والزحيليّ في التفسير المنير : ج ۲۴ ص ۱۴۲ والحجازيّ في التفسير الواضح: ج ۳ ص ۳۱۰ والطنطاويّ في التفسير الوسيط: ج ۱۲ ص ۲۹۸ والسورآباديّ في تفسير السورآباديّ: ج ۴ ص ۲۲۰۲ وآل سعدي في تفسير الكريم الرحمن: ج ۱ ص ۸۹۰ والقرطبيّ في الجامع لأحكام القرآن: ج ۱۵ ص ۳۲۲ والسيوطيّ في الدّرّ المنثوّر: ج ۵ ص ۳۵۲.

3.. راجع: روح المعاني للآلوسيّ : ج ۲۴ ص ۷۶.

4.. راجع: تفسير غرائب القرآن: ج ۶ ص ۴۰.

5.. راجع: الطبريّ في جامع البيان: ج ۱۲ جز ۲۴ ص ۷۴ وابن كثير في تفسيره: ج ۷ ص ۱۳. والأمر العجيب في هذاالتأويل أنّ الطبريّ وابن كثير ادّعيا أنّ معظم الرسل قد نُصروا، في حين أنّ أكثرهم اعتزلوا الناس، وقُتلوا، وعزّ ناصرهم، واستُهزئ بهم، وهُزموا ظاهراً في الحياة الدنيا، وما نُصر منهم إلاّ القليل، ولا يمكن نسبة شيء إلى الجميع بواسطة عدد قليل. ويكفي النظر إلى وضع الدين في أكثر شعوب العالم، فمعظم تعاليم الديانات شاعت على نحوٍ محرّف بين الناس، فلا توجد التعاليم الأصليّة للمسيح عليه‏السلام، وما يُدّعى ويروّج له باسم المسيحيه‏يفصله بون شاسع عن التعاليم الإسلاميّة. كما تعاني الديانات الشرقيّة من التعدّدية في العبادة أو فقدان الربّ، وتبدّلت اليهوديّة إلى ديانة عرقيّة، وابتُلي الإسلام بالخلافات المذهبيّة، وقليل مِن أتباعه الملايين مَن هم على نهج الحقّ. ومع هذه الأوضاع كيف يمكن ادّعاء موفّقية أغلب الرسل؟


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
266

حياة في القبر بعد الموت وقبل القيامة، ثمّ يموت فيه ثانية.۱

وتفسير الموت في القبر غير مقبول ؛ لأنّ القبر مكان لموت الإنسان، وبداية الحياة البرزخيّة بالموت نفسه، لا أنّه يموت أوّلاً ثمّ يتلقّى حياة ثانية۲. والرازيّ نفسه لا يرتضي هذا التفسير، ولكنّه يبيّن أنّ كثيراً من مفسّري أهل السنّة يرون دلالة هذه الآية على حياة أُخرى قبل القيامة. وهذا نوع من الرجعة وإن اختلف عن رجعة الشيعة.

والخلاصة، ينبغي القبول بأنّه يُفهم من هذه الآية ثلاث مرّات من الحياة، ويجب اعتبار الحياة الأُولى ملاكاً لتشكيل هوية الإنسان، ممّا يمهّد لموتتين وإحياءين بعد الموت. كما أنّه وردت في الآية موتتان أوّلاً وبعدهما إحياءان، وبناء عليه لا يمكن تفسير الموتتين بنحو صحيح إلاّ بقبول الرجعة، ونُقل هذا التفسير عن الإمام الصادق عليه‏السلام.۳

الآية الثانية:

«إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ».۴

لم يُنصر كثير من الرسل وأولياء اللّه‏ في الحياة الدنيا، فإمّا قتلوا وإمّا لم ينالوا أهدافهم السامية، ولكنّ اللّه‏ سبحانه ـ من جهة أُخرى ـ وعد بنصرتهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

سلك مفسّرو أهل السنّة في تفسير هذه الآية سبلاً مختلفة، وقدّموا تأويلات منوّعة، فاضطرّ الفخر الرازيّ ـ في سبيل تصحيح نصرة الرسل والمؤنين في الدنيا رغم قتلهم وهزيمتهم الظاهريّة ـ لأن يقدّم سبعة تأويلات، هي: النصرة بالحجّة والاستدلال، والنصرة

1.. مفاتيح الغيب: ج ۲۷ ص ۴۹۴.

2.. يؤّد هذا الرأي الحديث المعروف عن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حيث قال: «مَن ماتَ فَقَد قامَت قِيامَتُه » بحار الأنوار: ج ۶۱ ص ۷ .

3.. قال عليّ بن إبراهيم في قول اللّه‏ تعالى: «رَبّنا أَمَتَّنَا اثنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ...»: قال الإمام الصادق عليه‏السلام: «ذلك فيالرجعة» راجع: تفسير القمّي: ج ۲ ص ۲۵۶.

4.. غافر: ۵۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8157
صفحه از 457
پرینت  ارسال به