265
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

سَبِيلٍ».۱

تذكر هذه الآية مرّتين من الموت والإحياء، ومع الالتفات إلى أنّ الموت لا معنى له إلاّ إذا كانت قبله حياة، فلا يمكن القبول ببعض التفاسير۲ التي ربطت الموتة الأُولى بالعدم قبل الخلقة، فجملة «أمَتَّنا» تدلّ على أنّ للمتكلّم هوية وأنّه أدرك موتتين، في حين أنّه لا يتصوّر هوية للمتكلّم قبل الوجود ليقول: «أمَتَّنا»، ولا موت بعد الرجوع إلى الحياة ثانية في القيامة، فحتّى لو اعتبرنا العدم قبل الخلقة موتاً، لكنّه لا يعتبر إماتة ؛ إذ يُشترط في الإماتة كون الشخص حيّاً قبل الموت، والآية تتكلّم عن الإماتة لا عن الموت، فلا يصحّ هذا التفسير.

واعتبر السُّدّيّ۳ الموتة الأُولى في الدنيا، والحياة الأُولى في القبر، ثمّ يخاطب هناك، ثمّ يموت ويحيا مرّة أُخرى في القيامة.

وشرح ابن كثير قول السدّي، ونقل رأي ابن زيد الذي بُني على تصوّر حياة في عالم الذرّ، وحياة أُخرى في عالم الدنيا، وموتتين تتبع كلّ واحدة منهما، ثمّ رفضهما وقال: «يلزم من ذلك وجود ثلاثة من الحياة والموت»۴. ولكنّ استدلاله غير سليم ؛ إذ سيكون في هذه الحالة ثلاث مرّات من الحياة وموتتان، لا ثلاث موتات ؛ لأنّه لا يوجد موت بعد الحياة الأخيرة الأُخروية.

وذكر الفخر الرازيّ اعتقاد كثير من العلماء والمفسّرين۵ بأنّ هذه الآية تدلّ على وجود

1.. غافر: ۱۱.

2.. اتّبع عدد من مفسّري أهل السنّة هذا التفسير، منهم: ابن مسعود وابن عبّاس والضحّاك وقتاده وأبو مالك وابن كثير راجع : تفسير ابن كثير: ج ۷ ص ۱۲۲.

3.. إسماعيل بن عبد الرحمن ت ۱۲۷ ه من مفسّري القرن الثاني.

4.. تفسير ابن كثير: ج ۷ ص ۱۲۳.

5.. مثل السدّيّ والجبائيّ والبلخيّ ومَن تبعهم. وتعبير الفخر الرازيّ: «كثير من المفسّرين».


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
264

أدلّة إثبات الرجعة

استندوا إلى أربعة أدلّة لإثبات الرجعة: القرآن والأحاديث والعقل والإجماع. و أهمّها الأدلّة القرآنية والحديثيّة ؛ ولذلك سنقدّم الحديث عنها فيما يلي:

الأدلّة القرآنيّة على الرجعة

تدلّ عديد من الآيات القرآنية على وقوع الرجعة، وبطريق أولى على إمكانيّتها، وتقدّمت الإشارة إلى بعضها في بحث تاريخ الرجعة.

ولإثبات إمكانيّتها تكفي مراجعة أدلّة المعاد الكثيرة في القرآن ؛ لأنّ ماهيّة الرجعة والمعاد أمر واحد وما يختلف هو ظرفهما فقط، وبناء عليه، فقابليّة القابل موجودة، فإذا أنكر أحد إمكانيّة الرجعة دون الكشف عن أيّ تناقض فيها، فقد كفر في الحقيقة بقدرة اللّه‏۱، وعليه فاستبعاد جماعة من المخالفين هو إمّا عن جهل وإمّا عن عناد.

والآيات الدالّة عليها وفيرة، وسنذكر هنا فقط ما يدلّ منها بصراحة أكثر على الرجعة في المستقبل ولا تقبل تأويلاً آخر، وإن حاول مفسّرو أهل السنّة كثيراً تأويل هذه الآيات بسبب مخالفتهم الشديدة للرجعة:

الآية الاُولى:

«قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ

1.. لأنّ نفي الإمكان إمّا هو نفي الإمكان الذاتيّ أو نفي الإمكان الوقوعيّ، والأوّل يستلزم إظهار تناقض داخليّ، ولا تناقض في الرجعة؛ والثاني إمّا هو لعدم قدرة الفاعل أو لعدم قابليّة القابل، والقابل هنا الإنسان الذي يمكن إحياؤ بعد الموت؛ لأنّ الإنسان سيحيا بعد موته ثانية كما اتّفق على ذلك جميع علماء المسلمين. وبناء عليه، فالسبيل الوحيد لنفي الرجعة هو نفي قدرة الفاعل، وهذا يوجب الكفر بقدرة اللّه‏، وإن كان عن غير علم.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8210
صفحه از 457
پرینت  ارسال به