الناس وحيدين، ولم يستطيعوا تحقيق قابليّاتهم الوجوديّة التي يتمتّعون بها، فيمكنهم الآن تحقيق تلك القابليّات وبلوغ الكمال اللاّئق بهم، وسينتفع سكّان العالم من هذا السبيل أيضاً.
وحُكم المؤنينن من الطراز الأوّل نظير ذلك أيضاً، فالذين حازوا قابليّات أكثر للعمل في سبيل الحقّ ولكنّهم تأخّروا في مسيرتهم بسبب مواقف أئمّة الكفر والنفاق، فهم أهلٌ لأن يعودوا إلى الحياة وينصروا دولة الحقّ، ويصلوا إلى مراتب أسمى في سيرهم نحو اللّه.
ويمكن تصوّر اختصاص هذه الفرصة بمن حاز طموحاً وفكراً متفوّقاً، وسما مستوى تفكيره على ما أُتيح له، ونوى تحقيق أعمال أعظم في سبيل الحقّ، وأمّا المتوسّطون من البشر، وهم من لم يتغيّر منهجهم وعملهم بتغيّر الظروف ومواصلة الحياة واكتفوا بما تيسّر لهم، فلا ضرورة لرجعتهم.
وبعبارة أُخرى: إنّ مقتضى العدل الإلهيّ توفير فرص العمل للجميع ؛ لكيلا يقول أحد يوم القيامة: لو تيسّرت لي أوضاع وفرص أُخرى لتمكّنت من جهاد أكثر في سبيل اللّه. وبناء عليه يكتفي أواسط الناس مؤنوهم وكفّارهم بما حصل، وتبقى مجموعتان من النخبة:
مجموعة الكفّار الذين استفادوا من جميع قابليّاتهم وفعلوا ما وَسِعهم فعله، وكانوا طلقاء الأيدي ولو عُمّروا أكثر لساروا على منوالهم السابق.
ومجموعة المؤنين من الطراز الأوّل الذين قُيِّدت أيديهم عن فعل كثير من الأعمال، ولم يستطيعوا تحقيق قابليّاتهم كافّة، والفرصة الوحيدة لأن يحقّقوا مثل تلك الإنجازات هي دولة العدل في آخر الزمان، فتقتضي حكمة اللّه البالغة توفير نظير هذه الفرصة لهؤاء البشر الأخيار.۱