261
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

الكفر والإيمان، كما أنّه لا اختلاف من ناحية الكفّار.

وجاءت عدّة روايات رجعة بعض الأقوام، أو جماعة من كلّ أُمّة، وما ناظر ذلك، ولكن ينبغي أزالة الإجمال والغموض في هذه التعابير باعتماد أحاديث أُخرى بيّنت تلك الأقوام أو الجماعات. والنتيجة كما تقدّم: أي سيرجع الخلّص من كلّ جماعة.

ويبدو من نموذج وحيد أنّه أعمّ من غيره، وهو عنوان «جميع المؤنين»، حيث ورد في حديث يشير إلى رجعة الشهداء أيضاً. سُئل الإمام الباقر عليه‏السلام عن آية: «وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ»۱، فأجاب:

يا جابِرُ، أَتَدري ما سَبيلُ اللّه‏؟ القَتلُ في سَبيلِ عَلِيٍّ عليه‏السلام وذُرِّيَّتِهِ، فَمَن قُتِلَ في وَلايَتِهِ قُتِلَ في سَبيلِ اللّه‏ِ، ولَيسَ أَحَدٌ يُؤِنُ بِهذِهِ الآيَةِ إِلاّ ولَهُ قَتلَةٌ ومَيتَةٌ، إنَّهُ مَن قُتِلَ يُنشَرُ حَتّى يَموتَ، ومَن ماتَ يُنشَرُ حَتّى يُقتَلَ.۲

وأيّدت هذا الحديث عدّةُ أحاديث مشابهة۳ تبيّن أنّ من يؤن بالآية الشريفة: «وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلتُمْ لاَءِلَى اللّه‏ِ تُحْشَرُونَ»۴ فسوف يموت موتة طبيعيّة، وسيُقتل كذلك في سبيل اللّه‏، وهذا لا يمكن إلاّ بأن يعود إلى الحياة كلّ من مات أو قُتل في هذه الدنيا، لكي يجرّب حالةً أُخرى. وهذه الرجعة للمؤنين فقط بالآية المتعلّقة بها، ونظراً إلى توضيح الإمام عليه‏السلام عن القتل في سبيل اللّه‏، وتفسيره إيّاه بأنّه القتل في سبيل عليّ عليه‏السلام وذرّيته، وبالاستعانة بسائر أحاديث هذا الباب، يمكن الاستنتاج بأنّ المعنيّين هم المؤنون الخُلّص.

الحِكَم من الرجعة

لا ينبغي اعتبار الحِكم من الرجعة دليلاً عقليّاً قطعيّاً عليها، بل تستخدم كلّ واحدة منها لتعقّل المسألة وجعلها قابلة للفهم. وفائدة هذه الحكم أنّها تهيّئ الذهن لفهم الموضوع

1.. آل عمران: ۱۵۷.

2.. مختصر بصائر الدرجات: ص ۲۵، تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۲۰۲ ح ۱۶۲، بحار الأنوار: ج ۵۳ ص ۴۰ ح ۸.

3.. راجع: ص ۲۴۳ رجعة الشهداء.

4.. آل عمران: ۱۵۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
260

إمكانية رؤة النبيّ والملائكة۱، وذكر فيه أحاديث صحيحة نقلاً عن البخاريّ ومسلم وأبي داود في إمكانيّة رؤة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في اليقظة، ثمّ ذكر توضيحات مفصّلة في ردّ منكري إمكان رجعة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وإمكانيّة رؤته، وذكر أقوال العلماء المؤّدين لإمكانيّة ذلك والناقلين لموارد رأوا فيها النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في اليقظة، وعدّوا ذلك من جملة كراماتهم. ولم يقبل السيوطيّ بهذه الرؤة على أنّها كرامة، إلاّ إذا كانت في حال اليقظة لا في الرؤا ؛ لأنّ مشاهدة النبيّ في الرؤا ممكنة للجميع ولا تعتبر كرامة.۲

وجدير بالتساؤ أنّه لماذا لا يرتضي أهلُ السنّة الرجعة عند ظهور الإمام الحجّة عليه‏السلام، في حين أنّهم يقبلون بأصل ظهوره كما يقبلون بإمكانيّة الرجعة استناداً إلى رواياتهم؟

ربّما لأنّ القبول بالرجعة في آخر الزمان يتضمّن رجوع أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام وانتقامهم من أعدائهم، فهو متعلّق ببحث الإمامة، وعندما لا يقبلون بأصله فلا يُتوقَّع قبولهم بفرعه، وإلاّ فلا مجال لإنكار الرجعة لتعدّد أدلّتها واتّقانها.

الراجعون عند الظهور

أشرنا إلى وجود عدّة آراء في المشمولين بالرجعة، ولكنّ الأكثر شهرة هو اختصاصها بمن مُحّض في الكفر أو الإيمان.

فذكرت أحاديث وفيرة رجعة الأنبياء وأولياء اللّه‏، وبخاصّة الإمامين: عليّ والحسين عليهماالسلام وأهل البيت عليهم‏السلام عند ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، كما ورد في بعض الأحاديث رجعة جماعة من خواصّ صحابة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والإمام عليّ عليه‏السلام. وأكّدت أحاديث أُخرى رجعة الشهداء تحت عنوان المقتولين في سبيل اللّه‏، وذُكر بجانبهم رجعة شخصيّات مهمّة من الكفّار والمنافقين. وجميع هذه الموارد تدخل تحت عنوان الممحّضين المشهورين في

1.. وهو كتاب تنوير الحلك في إمكان رؤة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والملك، وقد طبع في ۲۳ صفحة.

2.. تنوير الحلك فى إمكان روية النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والملك: ص ۱ ـ ۱۳، طبع أيضاً في ملحق كتاب الحاوي للفتاوي: ص ۶۶۰ـ ۶۶۹ نقلاً عن إثبات الرجعة: ص ۶۷ ـ ۷۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8306
صفحه از 457
پرینت  ارسال به