وأمّا النداء أو الصيحة فليس مقطوعاً بأنّهما في هذا الشهر، ولا تقول بذلك الأخبار كافّة. والسبب الآخر هو أنّ النداء والفزعة جاءا كعلامتين جنباً إلى جنب في أحد الأحاديث۱، ممّا يكشف عن الاختلاف بينهما.
والنداء الذي يُسمع عند الظهور يصدر عن جهتين: الأُولى عن جبرئيل الذي يدعو الناس إلى المهديّ عليهالسلام، والثانية عن الشيطان الذي يثير الشكّ في نفوس الناس. وذكرت بعض الأحاديث أنّ نداء جبرئيل يأتي من السماء، ونداء إبليس ينبعث من الأرض۲. وسُئل الإمام الصادق عليهالسلام:
قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عليهالسلام: عَجِبتُ أصلَحَكَ اللّهُ، وإنّي لَأَعجَبُ مِنَ القائِمِ كَيفَ يُقاتَلُ مَعَ ما يَرَونَ مِنَ العَجائِبِ ؛ مِن خَسفِ البَيداءِ بِالجَيشِ، ومِنَ النِّداءِ الَّذي يَكونُ مِنَ السَّماءِ ؟ !
فَقالَ: إنَّ الشَّيطانَ لا يَدَعُهُم حَتّى يُنادِيَ كَما نادى بِرَسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله يَومَ العَقَبَةِ.۳
وكلمة الإمام عليهالسلام دليل على وجود صيحتين من قطبين متعارضين: إلهيّ وشيطانيّ. كما سُئل الإمام في أحاديث أُخرى عن قول الناس: كيف نميّز بين النداءين؟ وهذا السؤل يعكس التصوّر العامّ لتعدّد النداء.
وأفادت أحاديث وفيرة في أنّ نداء جبرئيل يهدف إلى تعريف شعوب العالم بالإمام المهديّ عليهالسلام، ومضمون بعض الأحاديث كما يلي: «يُنادي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ بِاسمِ القائِمِ عليهالسلام فَيَسمَعُ ما بَينَ المَشرِقِ إلَى المَغربِ»۴، «صَوتُ جَبرَئيلَ بِاسمِ صاحِبِ هذا الأَمرِ وَاسمِ أبيه»۵، «مُنادٍ يُنادي بِاسمِ القائِمِ وَاسمِ أبيه».۶
1.. الغيبة للنعمانيّ : ص ۷۱ ح ۴۵ ـ ۴۷، الغيبة للطوسيّ : ص ۴۴۴، كمال الدين: ص ۶۸۴.
2.. راجع: ص ۸۵ ح ۱۲۶۶ كمال الدين.
3.. راجع: ص ۸۳ ح ۱۲۶۲ الغيبة للنعماني.
4.. راجع: ص ۷۷ ح ۱۲۴۹ الغيبة للطوسي و ح ۱۲۴۸ (الغيبة للنعماني) .
5.. راجع : ص ۸۳ ح ۱۲۶۲ الغيبة للنعماني .
6.. راجع: ص ۲۰۶ (العلامات المحتومة).