217
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

وأمّا النداء أو الصيحة فليس مقطوعاً بأنّهما في هذا الشهر، ولا تقول بذلك الأخبار كافّة. والسبب الآخر هو أنّ النداء والفزعة جاءا كعلامتين جنباً إلى جنب في أحد الأحاديث۱، ممّا يكشف عن الاختلاف بينهما.

والنداء الذي يُسمع عند الظهور يصدر عن جهتين: الأُولى عن جبرئيل الذي يدعو الناس إلى المهديّ عليه‏السلام، والثانية عن الشيطان الذي يثير الشكّ في نفوس الناس. وذكرت بعض الأحاديث أنّ نداء جبرئيل يأتي من السماء، ونداء إبليس ينبعث من الأرض۲. وسُئل الإمام الصادق عليه‏السلام:

قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: عَجِبتُ أصلَحَكَ اللّه‏ُ، وإنّي لَأَعجَبُ مِنَ القائِمِ كَيفَ يُقاتَلُ مَعَ ما يَرَونَ مِنَ العَجائِبِ ؛ مِن خَسفِ البَيداءِ بِالجَيشِ، ومِنَ النِّداءِ الَّذي يَكونُ مِنَ السَّماءِ ؟ !

فَقالَ: إنَّ الشَّيطانَ لا يَدَعُهُم حَتّى يُنادِيَ كَما نادى بِرَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يَومَ العَقَبَةِ.۳

وكلمة الإمام عليه‏السلام دليل على وجود صيحتين من قطبين متعارضين: إلهيّ وشيطانيّ. كما سُئل الإمام في أحاديث أُخرى عن قول الناس: كيف نميّز بين النداءين؟ وهذا السؤل يعكس التصوّر العامّ لتعدّد النداء.

وأفادت أحاديث وفيرة في أنّ نداء جبرئيل يهدف إلى تعريف شعوب العالم بالإمام المهديّ عليه‏السلام، ومضمون بعض الأحاديث كما يلي: «يُنادي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ بِاسمِ القائِمِ عليه‏السلام فَيَسمَعُ ما بَينَ المَشرِقِ إلَى المَغربِ»۴، «صَوتُ جَبرَئيلَ بِاسمِ صاحِبِ هذا الأَمرِ وَاسمِ أبيه»۵، «مُنادٍ يُنادي بِاسمِ القائِمِ وَاسمِ أبيه».۶

1.. الغيبة للنعمانيّ : ص ۷۱ ح ۴۵ ـ ۴۷، الغيبة للطوسيّ : ص ۴۴۴، كمال الدين: ص ۶۸۴.

2.. راجع: ص ۸۵ ح ۱۲۶۶ كمال الدين.

3.. راجع: ص ۸۳ ح ۱۲۶۲ الغيبة للنعماني.

4.. راجع: ص ۷۷ ح ۱۲۴۹ الغيبة للطوسي و ح ۱۲۴۸ (الغيبة للنعماني) .

5.. راجع : ص ۸۳ ح ۱۲۶۲ الغيبة للنعماني .

6.. راجع: ص ۲۰۶ (العلامات المحتومة).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
216

الصيحة (الصياح) بمعنى الصوت، والصيحة بمعنى العذاب.۱

ويبدو من الاستعمالات المتعدّدة للصيحة في القرآن الكريم أنّها لا تعني العذاب بالضرورة، بل ما يقصده اللّه‏ تعالى هو الصوت الذي يعقبه العذاب الإلهيّ، أو هو الإنذار بالعذاب. قال الراغب الإصفهانيّ «الصيحة: رفع الصوت».۲ ولعلّ السبب من ذكر الشيخ المفيد للنداء۳ فقط عند عدّه لعلامات الظهور، وعدم تحدّثه عن الصيحة والصوت رغم كثرة أحاديثهما، هو اعتباره هذه العلامات الثلاث علامة واحدة ؛ وبناء عليه فنداء السماء والصيحة والصوت ـ الواردة في الأحاديث ـ كلّها حكاية عن أمر واحد.

ووردت علامة أُخرى هي الفزعة، بمعنى الخوف والوحشة، فهل هي غير النداء والصيحة أم العلاّمة ذاتها؟ نقول في الجواب عن ذلك: إنّ المعنى اللغوي للفزعة يختلف عن الصيحة، ولكن ربّما هو ما يلازم ذلك المعنى ؛ أي أنّ المراد من الفزعة: ما يظهر من خوف ووحشة نتيجة للصيحة السماويّة، وإن لم يوجد دليل متّقن على اتّحاد هاتين العلامتين.

وما أفضى إلى تصوّر ترادفهما هو فهم خاطئ للصيحة نشأ ـ على ما يبدو ـ نتيجةً للشبه المستفاد من الأحاديث بين الصيحة والفزعة، فمثلاً نجد في بعض الروايات: صيحة في شهر رمضان۴، ومن جهة أُخرى أتت الفزعة في شهر رمضان أيضاً۵، ولهذا تصوّروا أنّ الصيحة والفزعة أمر واحد۶، ولا سيّما بعد اجتماع مادّة الفزع مع الصيحة في الحديث.۷

ولكن يبدو أنّ الأمر ليس كذلك، فالفزعة علامة تفترق عن الصيحة والنداء. وبغضّ النظر عن اختلاف معانيهما، فالفزعة تحصل في شهر رمضان وفقاً لما جاء في الأحاديث،

1.. المصدر السابق: ج ۲ ص ۵۲۱.

2.. المفردات: ص ۲۹۲.

3.. الإرشاد: ج ۲ ص ۳۶۹.

4.. راجع: ص ۷۲ ح ۱۲۴۱ كمال الدين.

5.. راجع: ص ۲۰۵ (العلامات المحتومة) و ص ۷۰ ح ۱۲۳۷ (الغيبة للنعماني).

6.. تاريخ الغيبة الكبرى: ص ۵۹۷، چشم به راه مهدى بالفارسيّة: ص ۲۸۴.

7.. راجع: ص ۷۲ ح ۱۲۴۰ (الغيبة للنعماني).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8441
صفحه از 457
پرینت  ارسال به