215
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

بتاريخ صدر الإسلام، لا بآخر الزمان حيث تصوّر العلاقات بنحوٍ آخر.

ووصفت أحاديث أُخرى السيّد الحسنيّ وقيامه، وهي أيضاً تواجه إشكاليّات في المحتوى.

وتاريخ هذه الأحاديث المتعلّقة بالحسنيّ، والأهمّ من ذلك ضعف مصادرها وأسانيدها ونصوصها، تقود إلى نتيجة هي عدم إمكانيّة إثبات قيام الحسنيّ بطريقة علميّة قبل الظهور ؛ وبناء عليه يمكن القول بأنّ المعنيّ من السيّد الحسنيّ هو صاحب النفس الزكيّة ذاته في الرواية الوحيدة المعتبرة التي أشارت إليه.

۵. النداء من السماء

النداء من السماء الذي يعبّر عنه أحياناً بالصيحة، علامة مهمّة أُخرى من علامات ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، وهي علامة محتومة أيضاً بناء على بعض الأحاديث. وموضوع نداء السماء لا يختصّ بمصادر الشيعة، بل ورد كثيراً في أحاديث أهل السنّة أيضاً.

وكثرة الأحاديث في العلامة المذكورة بلغت حدّاً بحيث ورد ـ بعنوان المثال ـ في كتاب النعمانيّ وحده في ثلاثين حديثاً من أصل ثمانية وستّين في باب العلامات، وبالطبع هذا غير أحاديث الأبواب والكتب الأُخرى.

وقد استدلّ بعض أحاديث النداء بالآية: «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ»۱، وكأنّ نداء السماء اعتبر مصداقاً لهذه الآية.۲

ويُستفاد من دراسة الأحاديث ومراجعة كتب اللغة، أنّ المفردات الثلاث: النداء والصيحة والصوت، مترادفة، أو استُخدمت في هذا الموضوع ـ على الأقلّ ـ في معنىً واحد. فابن منظور عرّف النداء بمعنى الصوت، والصوت بمعنى النداء۳، كما ذكر مصدر

1.. الشعراء: ۴.

2.. راجع: ص ۸۷ ح ۱۲۷۲ (الغيبة للنعمانيّ) والغيبة للنعمانيّ : ص ۲۶۰ ح ۱۹.

3.. لسان العرب: ج ۱۵ ص ۳۱۵ و ج ۲ ص ۵۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
214

قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام: مَتى فَرَجُ شيعَتِكُم ؟

قالَ: فَقالَ: إذَا اختَلَفَ وُلدُ العَبّاسِ ووَهى سُلطانُهُم، وطَمِعَ فيهِم مَن لَم يَكُن يَطمَعُ فيهِم، وخَلَعَتِ العَرَبُ أعِنَّتَها، ورَفَعَ كُلُّ ذي صِيصِيَةٍ صيصِيَتَهُ، وظَهَرَ الشّامِيُّ، وأَقبَلَ اليَمانِيُّ، وتَحَرَّكَ الحَسَنِيُّ، وخَرَجَ صاحِبُ هذَا الأَمرِ مِنَ المَدينَةِ إلى مَكَّةَ بِتُراثِ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

فَقُلتُ: ما تُراثُ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟

قالَ: سَيفُ رَسولِ اللّه‏ِ ودِرعُهُ وعِمامَتُهُ وبُردُهُ و قَضيبُهُ ورايَتُهُ ولامَتُهُ وسَرجُهُ، حَتّى يَنزِلَ مَكَّةَ، فَيُخرِجُ السَّيفَ مِن غِمدِهِ، ويَلبَسُ الدِّرعَ، ويَنشُرُ الرّايَةَ وَالبُردَةَ وَالعِمامَةَ، ويَتَناوَلُ القَضيبَ بِيَدِهِ، ويَستَأذِنُ اللّه‏َ في ظُهورِهِ، فَيَطَّلِعُ عَلى ذلِكَ بَعضُ مَواليهِ، فَيَأتِي الحَسَنِيَّ فَيُخبِرُهُ الخَبَرَ، فَيَبتَدِرُ الحَسَنِيُّ إلَى الخُروجِ، فَيَثِبُ عَلَيهِ أهلُ مَكَّةَ فَيَقتُلونَهُ ويَبعَثونَ بِرَأسِهِ إلَى الشّامِيِّ، فَيَظهَرُ عِندَ ذلِكَ صاحِبُ هذَا الأَمرِ، فَيُبايِعُهُ النّاسُ ويَتَّبِعونَهُ.۱

ربّما لا يشكل على الحديث من حيث السند، ولكنّ ما جاء فيه من اختلاف بني العبّاس يعرّض النصّ بأكمله إلى إشكاليّة، فالعبارة لا تقدّم يد العون للقول بأنّ مقصود الإمام هو وجود فاصلة طويلة بين اختلاف بني العبّاس وظهور الحسنيّ، كما أنّ تصوّر عودة حكم بني العبّاس أو تشكيل حكومة باسمهم في آخر الزمان، لا يستند إلى أيّ دليل أو قرينة صالحة.

الإشكال الآخر هو ما يطالعنا من غموض في الحديث، فممّا يستدعي التأمّل أن يطلب الإمام المهديّ عليه‏السلام الإذن في الظهور بعد قدومه من المدينة إلى مكّة، وأن يتقدّم الحسنيّ على المهديّ عليه‏السلام في القيام، وكذلك قتل الحسنيّ بأيدي أهل مكّة وإرسال رأسه إلى الشاميّ، فهي أُمور تخلو منها الأحاديث الأُخرى. كما أنّ إرسال رأس المقتول أمر يتعلّق ـ على مايبدو ـ

1.. راجع: ص ۶۱ ح ۱۲۱۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8327
صفحه از 457
پرینت  ارسال به