313
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

النهار.۱

والجواب: لو قصد بعمر الدنيا هو المدّة التاريخيّة والحضاريّة للبشر، فنظراً إلى التاريخ البشريّ البالغ عدّة آلاف من السنين سيشمل جزء هذا التاريخ الصغير عدّة قرون، ولو قصد به عمر الكرة الأرضيّة الطبيعيّ أو جميع الدنيا الذي يُقدّر بملايين السنين، فحينها يكون جزؤ الصغير آلاف السنين.

والترتيب التاريخيّ للأحداث المذكورة يوضّح بجلاء أنّ مدّة غيبة المهديّ عليه‏السلام وظهوره وقيامه وحكومته لا تتطابق تماماً مع آخر الزمان، بل كلّ واحد منها جزء منه، ومقاطع متتالية من هذه الحقبة التاريخيّة.

وبعبارة أُخرى: لقد بدأ آخر الزمان قبل غيبة حجّة اللّه‏ منذ عهد النبيّ محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ويستمرّ حتّى عهد الظهور، وسيشمل أيّام القيام والحكومة والرجعة، ويمكن أيضاً تطابق نهاية الرجعة والحكومة التي يؤّسها الإمام المهديّ عليه‏السلام مع آخر الزمان واتّصالها بالقيامة.

وبهذا التوضيح يمكن الفصل بين الأحداث الناظرة إلى أشراط الساعة والمنقولة في روايات عديدة، وبين الأحداث الناظرة إلى قيام المهديّ عليه‏السلام، وبحث الأحداث المتعلّقة بالقيام فقط. وبتجميع هذه الأحداث، يمكن التوقّع التقريبيّ على نحو التخمين ببعد وقرب الظهور، ونحتاج في ذلك إلى تعيين مفهوم أوّل الزمان.

مفهوم أوّل الزمان

الأوّل والآخر مفهومان نسبيّان، ولذلك يقبل مفهومهما التغيّر نسبة إلى مبادئ القياس المختلفة، فمثلاً اعتبرت بعض الأحاديث النبيَّ الأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في أوّل الزمان، وظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام في آخر الزمان، منها الحديث التالي:

1.. جاء في مصادر أهل السنّة: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بَعدَما صلّى العَصر: «ما بَقِيَ مِنَ الدُّنيا فيما مَضى مِنها إلاّ كَما بَقِيَمِن يَومِكُم هَذا فيما مَضى مِنهُ» تاريخ الطبريّ: ج ۱ ص ۱۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
312

عَلَينا فَقالَ: فيمَ أَنتُم؟ فَقُلنا: نَتَحَدَّثُ. قالَ: عَمَّ ذا؟ قُلنا: عَنِ السّاعَةِ. فَقالَ: إنَّكم لا تَرَونَ السّاعَةَ حَتّى تَرَوا۱ قَبلَهَا عَشرَ آياتٍ: طُلوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها، وَالدَّجّالَ، ودابَّةَ الأَرضِ، وثَلاثَةَ خُسوفٍ فِي الأَرضِ: خَسفٌ بِالمَشرِقِ وخَسفٌ بِالمَغرِبِ وخَسفٌ بِجَزيرَةِ العَرَبِ، وخُروجَ عيسَى بنِ مَريَمَ، وخُروجَ يَأجوجَ ومَأجوجَ، وتَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ نارٌ تَخرُجُ مِنَ اليَمَنِ مِن قَعرِ الأَرضِ، لا تَدَعُ خَلفَها أَحَداً، تَسوقُ النّاسَ إِلَى المَحشَرِ، كُلَّما قَاموا قَامَت لَهُم تَسوقُهُم إِلَى المَحشَرِ.۲

استنتاج من أحاديث آخِر الزمان

إن الاختلاف الأوّليّ البسيط بين هذه الأحاديث سيُزال بهذا التصنيف كما سنلاحظ، فلو اعتبرنا مفهوم آخر الزمان هي مدّة تاريخيّة ممتدّة وطويلة، فحينها يمكن اعتبار عصر بعثة خاتم الأنبياء صلى‏الله‏عليه‏و‏آله نقطة شروعها، ونقطة نهايتها يوم القيامة والأحداث التي تسبقها.

وفي هذه الصورة تجتمع كلّ الأحداث المذكورة آنفاً في هذا الظرف التاريخيّ ؛ لأنّها وقعت أو ستقع بعد بعثة النبيّ محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وقبل قيام الساعة، ومعنى ذلك أنّ مدّة آخر الزمان ليست قصيرة جدّاً، ولا يغطّي أيّ من الأحداث بمفرده جميع المدّة المذكورة، بل جميع هذه الحوادث جزء منها وتقع في ضمنها.

ربّما يشكل بأنّ النبيّ الأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله اعتبر في بعض الأحاديث أنّ الفاصل بين بعثته والقيامة ـ أي كلّ آخر الزمان ـ بمقدار المسافة بين إصبعي: السبّابة والوسطى۳، أو اعتبر نسبة ما تبقّى من عمر الدنيا إلى المنصرم منه كنسبة وقت العصر حتّى غروب الشمس إلى طول

1.. في المصدر: «ترون»، والتصويب من بحار الأنوار .

2.. راجع: الخصال: ص ۴۴۵ ح ۵۲ و ص ۴۳۱ ح ۱۳ وروضة الواعظين: ص ۴۸۴ ومختصر بصائر الدرجات: ص ۴۳وكتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۳ ص ۳۹۰ ح ۴۳۷۴.

3.. نصّ الحديث نقلاً عن الإمام الصادق عليه‏السلام كما يلي: «صَعِدَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله المِنبَرَ فَتَغَيَّرَت وَجنَتاهُ وَالتَمَعَ لَونُهُ، ثُمَّ أَقبَلَ عَلَى النّاسِ بِوَجهِهِ فَقالَ: يا مَعشَرَ المُسلِمينَ! إنّي إِنَّما بُعِثتُ أَنَا وَالسّاعَةُ كهاتَينِ. قَالَ: ثُمَّ ضَمَّ السَّبّاحَتَينِ» الأمالي للمفيد: ص ۱۸۸ ح ۱۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8417
صفحه از 457
پرینت  ارسال به