إنكاره سبباً للخروج عن المذهب۱. ولعلّ كثرة الأحاديث المتواترة لهذا الباب، وكون بعض منها معتبراً، هو ما تسبب في اعتبار عقيدة الرجعة من ضروريّات المذهب.
أما بعض المعاصرين فأنكر ضرورتها ورأى الاعتقاد بها متوقّفاً على إثبات أحاديثها۲، وكأنّهم يقصدون أنّ الاعتقاد بالرجعة ليس من أُصول المذهب مثل العدل والإمامة۳، وإلاّ فينبغي عدّها من أُصوله بسبب كمّية ونوعيّة أحاديثها بالرغم من كونها أحد الفروع الاعتقاديّة.۴
تاريخ بحث الرجعة
عُرف الاعتقاد بالرجعة منذ القرن الأوّل الهجريّ بين علماء الشيعة، فقد نقلت أحاديث عن الإمام زين العابدين عليهالسلام تدلّ عليه، ووردت مزيد من الأحاديث في القرنين الثاني والثالث، وفي ذلك الوقت اعتُبر الاعتقاد بالرجعة من شعائر الشيعة بحيث عَرف ذلك المخالفون
1.. حقّ اليقين: ج ۲ ص ۳۵۴.
2.. مثل العلاّمة السيّد محسن الأمين في كتاب نقض الوشيعة: ص۴۷۳ ومحمّد جواد مغنيّة في الجوامع والفوارق بين السنّة والشيعة: ص ۳۰۲، ومحمّد رضا المظفّر في عقائد الإماميّة: ص ۸۴.
3.. كما صرّح بذلك في الجوامع والفوارق بين السنّة والشيعة: ص ۳۰۲.
4.. نظراً إلى أنّ تأليف كبار العلماء لكتبهم كان ردّاً على المخالفين، فيحتمل أنّ عرض هذا الرأي كان بسببعدم تفهّم المخاطب والتكلّم بمستواه نتيجة لذلك. وهذه الطريقة تستفاد من منهج الأنبياء في التبليغ . قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : «إنَّا مَعاشِرَ الأَنبِياءِ أُمِرنا أَن نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلى قَدرِ عُقولِهِم» الكافي : ج ۱ ص ۲۳ ح ۱۵ . كما انتهج هذه الطريقة أئمّة الشيعة أيضاً . فعلى سبيل المثال كان الإمام الصادق في إجابته لسؤل عن الأُمور العظيمة كالرجعة يجيب بأنّه ليس الوقت لمثل هذا الكلام ؛ بسبب عدم فهم المخاطب لمعنى الرجعة الصحيح : «عن زرارة قال : سَأَلتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليهالسلام عَن هذِهِ الاُمورِ العِظامِ مِنَ الرَّجعَةِ وأشباهِها ، فَقالَ : إنَّ هذَا الَّذي تَسأَلُونَ عَنهُ لَم يَجِئ أَوانُهُ ، وَقَد قالَ اللّه عز و جل : «بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ»يونس : ۳۹» (مختصر بصائر الدرجات : ص ۲۴ ، بحار الأنوار : ج ۵۳ ص۴۰ ح ۴) . كما ذكر العيّاشي كذلك في تفسيره مثل هذا السؤل والجواب نقلاً عن حمران عن الإمام الباقر عليهالسلام (تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۱۲۲ ح ۲۰) . ويبدو أنّهما حديث واحد نُقل بطريقتين بسبب الشبه الكامل بين نصّ السؤل والإجابة .