225
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

وغالبا ما تولّى الباحثون الروائيّون هذا التطبيق، فإلى جانب معرفتهم بأحاديث علامات الظهور من جهة، فإنّهم غير متجاهلين للظروف الاجتماعيّة المعاشة من جهة أُخرى ؛ ولذلك حاولوا تقديم مصاديق خارجيّة وموضوعيّة على محتويات الأحاديث.

ولكنّ دراسة تاريخ الإسلام مع مراجعة أحاديث علامات الظهور، يكشف بجلاء عن تحقّق ما يطابق أو يشابه كثيراً ممّا اشتهر باسم علامات ظهور المهديّ عليه‏السلام على مرّ التاريخ، ولهذا فمن العسير التطبيق القطعيّ بأيّ نحو كان لعديد من العلامات المذكورة على الأحداث الواقعة.

وما له أهمّية خطيرة في تطبيق علامات الظهور هو: تعذّر إمكانية التنبّؤبوقت الظهور أو القيام المتّصل به لمجرّد احتمال التطابق بين واقعة خارجيّة وإحدى العلامات المشار إليها.

غير أنّ اجتماع عدد من العلامات وبخاصّة ما ورد منها في أحاديث معتبرة وَصَفَتها بالمحتومة، مَدعاةٌ للاطمئنان بقرب الظهور. والهفوة الرئيسة في التطبيقات الخاطئة المتقدّمة هي الحكم بمجرّد مشاهدة واقعة خارجيّة ـ من دون الالتفات إلى سائر العلامات ـ على أنّها من علامات الظهور والتنبّؤباقترابه، حتّى أنّه طُبّق تطوّر علميّ وصناعيّ مثل التلغراف على علامة ظهور واعتبر زمانه قريباً، على الرغم من عدم تحقّق أيّ من العلامات المحتومة والمشهورة.

وخطأُ جميعِ التطبيقات القديمة لعلامات الظهور يذكّرنا بأمر غاية في الخطورة، هو أنّ للدقّة والاحتياط الوافرين أهمّية وضرورة قصوى في هذا المجال. كما لا يمكن تجاهل احتمال الوضع والتحريف اللفظيّ والمعنويّ نتيجة لدوافع مختلفة، ولذا فالدقّة في أحاديث علامات الظهور ومعرفتها بنحوٍ دقيق أمر مؤّر ومهمّ جدّاً في تمييز الادّعاءات الزائفة عن الصادقة.

وقد قامت مجموعات من الشيعة في بعض المراحل الزمنيّة بتطبيق علامات الظهور على الأحداث رجاءً للفرج في أُمورهم وتيسيرها، وأحياناً لأغراض خاصّة. وسنذكر في


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
224

واضطرّ من عرّف هذه العلامة على أنّها من علامات الظهور إلى تأويلها وحملها على غير معناها الظاهريّ عند محاولته لتوضيحها، فمثلاً المؤّخ القاضي النعمان المغربيّ الإسماعيليّ (ت۳۶۳ه) اعتبر هذا الحديث نبوءةً للنبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تخصّ المهديّ الفاطميّ، وقال:

وهذا حديث مشهور، ولم تطلع الشمس من مغربها في هذا الوقت ولا قبله ولا بعده، وإنّما عنى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بذلك قيام المهديّ بالظهور من المغرب... والمهديّ هو المراد بالشمس التي ذكر رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمئة من هجرته، وكذلك طلع هو عليه‏السلام في سنة سبع وتسعين ومئتين.۱

وما يقصده القاضي النعمان هو عبيد اللّه‏ المهديّ الإسماعيليّ الذي قدم المغرب وأسّس الدولة الفاطميّة بعد معارك ومراوغات سنة ۲۹۷ه.

ومن هذه الزاوية يمكن القول بأنّ فرقة الإسماعيليّة خلطت عن عمد بين علامات الظهور وأشراط الساعة ؛ لتستفيد سياسيّاً من هذه العلاّمة.

تطبيق علامات الظهور

شهد تاريخ التشيّع دائماً ما لحق بالشيعة من ظلم واضطهاد مجحف طيلة قرونه، ممّا أفضى بأتباع أهل البيت عليهم‏السلام إلى أن يعيشوا على أمل انتظار الفرج والخلاص.

وطبيعيّ كلّما لاح بريق أمل للشيعة، وظنّوا أنّ زمن الفرج الحقيقيّ قد طلّ على حياتهم، تذكّروا الإمام المهديّ عليه‏السلام وظهوره، وهذا النحو من التفكير مرتبط بالروح المعنويّة للأشخاص، وتوفّر الظروف الاجتماعيّة أرضيّة لهذا التطبيق أحياناً، كما أنّ الأمل الاجتماعيّ المنبثق من ظهور بعض الدول على مرّ التاريخ، قاد إلى احتمال أن تتّصل تلك الدول بظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام.

1.. شرح الأخبار: ج ۳ ص ۴۱۸ و ۴۱۹.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8390
صفحه از 457
پرینت  ارسال به