و«أصحابنا معشرَ الإمامية». وقوله عند كلامه عن الشيخ الكليني - وهو من كبار علماء الإمامية -: «فكم روى هذا الرجل وغيرُه من أصحابنا (رحمهم الله تعالى)...الخ». وقوله عند حديثه عن غيبة الإمام المهدي علیه السّلام: «قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال بأنّ علّة غيبته عن أوليائه...الخ»۱.
والتعبير بـ (أصحابنا) تعبيرٌ له مغزاه وثقله، فهو يدلّ على إيمان عميق بالانتماء إلى هذه الفرقة الشيعية المهمّة. ولكن لا نجد هكذا تعبير له تجاه علماء المعتزلة، وهو يدلّ على عدم إيمانه بانتمائه إليهم.
۲. هناك تعابير على العكس من التعبير السابق، تدلّ على تضادّ وعداوة المرتضى للمعتزلة، فهو يصفهم تارة بـ (الخصوم)، فيقول: «خصومنا من المعتزلة»۲، وأخرى يعبّر بتعبيرات تدلّ على وجود نزاع له معهم، مثل قوله: «واعلم أنّ الخلاف بيننا وبين المعتزلة...الخ»۳، أو قوله عن أبي هاشم الجبّائي - الذي ادّعى البعض أنّ المرتضى من أتباعه حتّى وُصف بالبهشمي -: «وقد أبى ذلك قوم من أصحابه»۴، وهو يدلّ على أنّ المرتضى لا يرى نفسه من أصحابه.
ثانيا: رأيُ المعتزلة حول اعتزالية المرتضى: المطالع لتراث المعتزلة المدوّن في زمن المرتضى وبعده، يجد إهمالاً ذا مغزى للمرتضى وآرائه، فلا يوجد في تراثهم أيّ ذكر لاسمه أو لقول من أقواله، أو كتاب من كتبه. فالمطالِع لكتب أبي رشيد النيسابوري، وبالتحديد كتاب «المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين»، و«كتاب التوحيد»، وكتب ابن الملاحم الخوارزمي «المعتمد» و«الفائق»، وكتاب «الكامل في الاستقصاء» لتقيّ الدين النجراني، وغيرها من تراث المعتزلة لا يجد ذكراً
1.. المرتضی، رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطرابلسيات الثانية)، ج۱، ص۳۱۲؛ المصدر السابق، (جوابات المسائل الطرابلسيات الثالثة)، ج۱، ص۴۰۰، ۴۱۰؛ المرتضی، المقنع في الغيبة، ص۶۱؛ المرتضی، تنزيه الأنبياء والأئمّة علیهم السّلام، ص۲۲۷.
2.. المرتضی، الشافي في الإمامة، ج۳، ص۸.
3.. المرتضی، تنزيه الأنبياء والأئمّة علیهم السّلام، ص۲۸.
4.. المرتضی، الذخيرة، ص۲۱۳.