للتشيّع، وأكثر تحكيماً للعقل»۱. فقد جعل الدكتور أمين معيار الاعتزال عبارة عن تحكيم العقل.
وقال بعض الباحثين المعاصرين أيضاً: «وإلى جانب المعتزلة - بصفتهم أصحاب نزعة عقلية في الإسلام - يقف الإمامية الاثنى عشرية موقفاً مماثلاً لهم... الخ»۲.
وقد كان المرتضى ممّن يعطون أهميّة كبيرة للعقل، فيعتمد على نتائجه في معرفة المسائل العقائدية، ويَعتبر دلالته أقوى من غيره۳، ويقدّمه على النصّ إذا حصل تعارض فيما بينهما۴.
ولكن هل كان المعتزلة هم الوحيدين ممّن يؤمن بقيمة العقل؟ وهل قام المرتضى باقتباس المنهج العقلي منهم، أم كانت له مصادره الخاصّة التي تدفعه إلى الإيمان بقيمة العقل؟ إنّ هذه المسألة تتطلّب فتح فصل مستقلّ لدراسة المنهجية العقلية عند المرتضى، وسائر أدوات البحث المعتمَدة عنده، وهو ما سوف نتعرّض إليه إن شاء الله من خلال بحوث هذا الكتاب.
الثاني: القول بالتوحيد والعدل، ونفي التجسيم والجبر: لقد آمن المعتزلة بالتوحيد - بمعنى نفي الجسمية ونفي التشبيه - والعدل - بمعنى اختيار الإنسان في أفعاله - إيماناً عميقاً، حتّى اعتبروه شعاراً لهم۵، وأخذوا يفاخرون به، ويرمون الآخرين بالتجسيم والجبر۶. وبذلك صار القول بالتوحيد والعدل عَلَماً على المعتزلة، حتى صار كلّ من يؤمن بهذين الأصلين الهامَّين تُلصَق به تهمة الاعتزال.
وإذا تأمّلنا في الشخصيات التي ادُّعي أنّها من المعتزلة - مثل أبي سهل وأبي
1.. أمين، ظهر الإسلام، ص۶۲۷.
2.. الإدريسي، قضايا في الفكر الإسلامي، ص۱۵۷.
3.. المرتضى، تنزيه الأنبياء والأئمّة علیهم السّلام، ص۵۰.
4.. المصدر السابق، ص۱۶۸.
5.. أبو حاتم الرازي، كتاب الزينة، ج۳، ص۵۰.
6.. الخيّاط، الانتصار، ص۳۵.