بصرية بهشمية).
إنّ طباعة ونشر هذه الكتب أدّت إلى تقوية الهمهمات التي كانت تدور على ألسنة البعض من اتّهام المرتضى بالاعتزال، والتي لم يكن لها قبل ذلك الوقت ما يبرّرها بصورة كبيرة. وقد أدّى ذلك إلى أن يجعل الباحثَ في تاريخ الكلام الإمامي، وتاريخ مدرسة بغداد الإمامية على الخصوص، وتاريخ المرتضى بالتحديد، يَطرح هذه التساؤلات: هل كان المرتضى متأثّراً حقّاً بالاعتزال بصورة عامّة، وخاصّة البصري البهشمي منه؟ وهل كان تابعاً محضاً لهذه المدرسة، أم كانت له ميزاته الخاصّة التي تميّزه عن مدرسة الاعتزال، وتؤهّله لأن يكون من متكلّمي الشيعة الإمامية؟ وهل حاول أن يقترب من المعتزلة في سبيل أن يقتبس منهم أفكاراً ليدعم مدرسته الشيعية الإمامية؟ وإذا كان المرتضى تابعاً للمعتزلة، فلماذا نراه يقترب منهم في بعض الأفكار، ويبتعد عنهم كلّ البعد في أفكار أخرى؟ وأخيراً وليس آخراً، إذا كان تابعاً محضاً لهم، فكيف يمكن الحديث عن مدرسة كلامية للإمامية إلى جانب مدرسة الاعتزال، خاصّة وأنّ المرتضى ليس شخصية عادية، فتأثّره بالمعتزلة يعني تأثّر الإمامية الذين جاؤا بعده بهم أيضاً؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي أخذت تطرح نفسها على الباحث في تاريخ الشيعة الإمامية، والتي نحاول تقديم الإجابة عليها من خلال هذا البحث.
۳. الدراسات التي تطرّقت للبحث
لم تُخصّص دراسات وافرة حول بحث تأثّر المرتضى بالمعتزلة، سواء بالإثبات أو النفي، سوى أنّه يمكن رصد مجموعة من البحوث التي تعرّضت للموضوع بصورة مباشرة - وهي قليلة - أو غير مباشرة، أي في ضمن البحث عن علاقة الشيعة الإمامية بصورة عامّة مع المعتزلة، فقد تعرّض هذا النوع من البحوث ضمناً لعلاقة المرتضى معهم كأحد متكلّمي الإمامية.
وفيما يلي سرد واستعراض لأهمّ هذه البحوث:
۱. الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة، للسيّد هاشم معروف الحسني: يعتبر هذا