مذهب أئمّتهم، حتّى تمادى بهم الزمان فاختلفوا، وتشعّب متأخّروهم إلى المعتزلة - إمّا وعيدية أو تفضيلية - وإلى الأخبارية، يعتقدون ظاهر ما ورد من الأخبار المتشابهة»۱.
وجاء بعد ذلك ابن تيمية (ت۷۲۸ه ) ونسج على منوال مَن تقدّمه، فقال: «ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب الآراء والديانات وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه، ولهذا تجد المصنّفين في المقالات كالأشعري لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنّه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم إلّا عن بعض متأخّريهم، وإنّما يذكرون عن بعض قدمائهم التجسيم وإثبات القدر وغيره. وأوّل من عرف عنه في الإسلام أنّه قال: «إنّ الله جسم» هو هشام بن الحكم»۲.
وقال الذهبي (ت۷۴۸ه ) في ترجمة عليّ بن عيسى الرمّاني:«... معتزلي رافضي، ومن حدود سبعين وثلاثمائة إلى زماننا هذا تصادق الرفض والاعتزال وتواخيا»۳.
وعلّق ابن حجر (ت۸۵۲ه ) على كلامه فقال: «وقول المصنّف: «إنّ الرفض والاعتزال تواخيا من حدود سبعين وثلاثمائة»، ليس كما قال، بل لم يزالا متواخيَين من زمن المأمون»۴.
وقال الإيجي (ت۷۵۶ه ): «وأمّا الإمامية فقالوا بالنصّ الجلي على إمامة عليّ... وتشعّب متأخّروهم إلى معتزلة وإلى أخبارية وإلى مشبّهة وسلفية وملتحِقة بالفرق الضالة»۵.
وذكر المقريزي (ت۸۴۵ه ) أنّ مقالات المعتزلة قد فشت في صفوف الشيعة۶.
ثم وصلت النوبة إلى المتأخّرين، فقال المستشرق آدم متز: «أمّا من حيث العقيدة
1.. ابن الجوزي، كيد الشيطان لنفسه، (مطبوع في ذيل كتاب: البرهان في معرفة عقائد أهل الإيمان)، ص۱۷۶.
2.. ابن تيمية، منهاج السنّة النبوية، ج۱، ص۷۲.
3.. الذهبي، ميزان الاعتدال، ج۳، ص۱۴۹.
4.. ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان، ج۴، ص۲۴۸.
5.. الإيجي، المواقف، ص۴۲۳.
6.. المقريزي، الخطط والاعتبار، ج۴، ص۱۸۴، نقلاً من كتاب: الحفظي، تأثير المعتزلة في الشيعة والخوارج، ص۴۶۳.