71
الشريف المرتضى و المعتزلة

والمذهب فإنّ الشيعة هم ورثة المعتزلة، ولابدّ أن تكون قلّة اعتداد المعتزلة بالأخبار الموروثة مما لاءَمَ أغراض الشيعة. ولم يكن للشيعة في القرن الرابع مذهب كلامي خاصّ بهم، فنجد مثلاً عضد الدولة - وهو من الأمراء المتشيّعين - يعمل على حسب مذهب المعتزلة. ولم يكن هناك مذهب شيعي إلّا للفاطميين...ويدلّ على العلاقة الوثيقة بين المعتزلة والشيعة أنّ الخليفة القادر جمع بينهما حينما نهى في عام ۴۰۸ه‍ عن الكلام والمناظرة في الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام. ثمّ إنّ الطريقة التي سار عليها ابن بابويه القمّي - أكبر علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري - في كتابه المسمّى كتاب العلل تذكّرنا بطريقة المعتزلة الذين كانوا يبحثون عن علل كلّ شيء»۱.

وقال الدكتور أحمد أمين:«... وأنا أرجّح أنّ الشيعة هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم»۲.

وقال أيضاً: «وهم يقولون في كثير من مسائل أصول الدين بقول المعتزلة، فقد قال الشيعة كما قال المعتزلة بأنّ صفات الله عين ذاته، وبأنّ القرآن مخلوق، وبإنكار الكلام النفسي، وإنكار رؤية الله بالبصر، كما وافق الشيعة المعتزلة في القول بالحسن والقبح العقليين، وبقدرة العبد واختياره، وأنّه تعالى لا يصدر عنه قبيح، وأنّ أفعاله معلّلة بالعلل والأغراض... وقد قرأتُ كتاب الياقوت لأبي إسحاق إبراهيم بن نوبخت من قدماء متكلّمي الشيعة الإمامية، فكنت كأنّي أقرأ كتاباً من كتب أصول المعتزلة، إلّا في مسائل معدودة...الخ»۳.

وقال بعض الكتّاب المعاصرين:«... وذلك لأنّ الشيعة والأباضية أخذوا بمنهج المعتزلة في توحيد الأسماء والصفات۴.

وقال الدكتور عبد الرزّاق محيي الدين: «والتشيّع منحى من مناحي الاعتزال، إن لم يكن اعتزالاً في الاعتزال»۵. إلّا أنّ له رأياً آخر في الشريف المرتضى، ستأتي الإشارة اليه.

1.. متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، ج۱، ص۱۰۶-۱۰۷.

2.. أمين، ضحى الإسلام، ص۶۸۴.

3.. المصدر السابق، ص۶۸۳-۶۸۴.

4.. علي أمير، جابر إدريس، منهج السلف والمتكلّمين في موافقة العقل للنقل، ج۱، ص۵۵.

5.. محيي الدين، أدب المرتضى، ص۳۹.


الشريف المرتضى و المعتزلة
70

مذهب أئمّتهم، حتّى تمادى بهم الزمان فاختلفوا، وتشعّب متأخّروهم إلى المعتزلة - إمّا وعيدية أو تفضيلية - وإلى الأخبارية، يعتقدون ظاهر ما ورد من الأخبار المتشابهة»۱.

وجاء بعد ذلك ابن تيمية (ت۷۲۸ه‍ ) ونسج على منوال مَن تقدّمه، فقال: «ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب الآراء والديانات وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه، ولهذا تجد المصنّفين في المقالات كالأشعري لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنّه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم إلّا عن بعض متأخّريهم، وإنّما يذكرون عن بعض قدمائهم التجسيم وإثبات القدر وغيره. وأوّل من عرف عنه في الإسلام أنّه قال: «إنّ الله جسم» هو هشام بن الحكم»۲.

وقال الذهبي (ت۷۴۸ه‍ ) في ترجمة عليّ بن عيسى الرمّاني:«... معتزلي رافضي، ومن حدود سبعين وثلاثمائة إلى زماننا هذا تصادق الرفض والاعتزال وتواخيا»۳.

وعلّق ابن حجر (ت۸۵۲ه‍ ) على كلامه فقال: «وقول المصنّف: «إنّ الرفض والاعتزال تواخيا من حدود سبعين وثلاثمائة»، ليس كما قال، بل لم يزالا متواخيَين من زمن المأمون»۴.

وقال الإيجي (ت۷۵۶ه‍ ): «وأمّا الإمامية فقالوا بالنصّ الجلي على إمامة عليّ... وتشعّب متأخّروهم إلى معتزلة وإلى أخبارية وإلى مشبّهة وسلفية وملتحِقة بالفرق الضالة»۵.

وذكر المقريزي (ت۸۴۵ه‍ ) أنّ مقالات المعتزلة قد فشت في صفوف الشيعة۶.

ثم وصلت النوبة إلى المتأخّرين، فقال المستشرق آدم متز: «أمّا من حيث العقيدة

1.. ابن الجوزي، كيد الشيطان لنفسه، (مطبوع في ذيل كتاب: البرهان في معرفة عقائد أهل الإيمان)، ص۱۷۶.

2.. ابن تيمية، منهاج السنّة النبوية، ج۱، ص۷۲.

3.. الذهبي، ميزان الاعتدال، ج۳، ص۱۴۹.

4.. ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان، ج۴، ص۲۴۸.

5.. الإيجي، المواقف، ص۴۲۳.

6.. المقريزي، الخطط والاعتبار، ج۴، ص۱۸۴، نقلاً من كتاب: الحفظي، تأثير المعتزلة في الشيعة والخوارج، ص۴۶۳.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1135
صفحه از 275
پرینت  ارسال به