يفعل الأمر، ثم يبدو له فلا يفعله. هذا توحيد الرافضة بأسرها إلّا نفراً منهم يسيراً صحبوا المعتزلة، واعتقدوا التوحيد، فنفتهم الرافضة عنهم، وتبرّأت منهم، فأمّا جملتهم ومشايخهم - مثل هشام بن سالم، وشيطان الطاق، وعليّ بن مِيثم، وابن الحكم، وعليّ بن منصور، والسكّاك - فقولهم ما حكيتُ عنهم»۱.
وقال أيضاً: «وبعدُ، فهل كان على الأرض رافضي إلّا وهو يقول: إنّ لله صورة، ويروي في ذلك الروايات، ويحتجّ فيه بالأحاديث عن أئمّتهم، إلّا من صحب المعتزلة منهم قديماً، فقال بالتوحيد، فنفته الرافضة عنها، ولم تقرّبه؟»۲.
وجاء بعده أبو الحسن الأشعري (ت۳۲۴ه )، فقال: «والفرقة السادسة من الرافضة يزعمون أنّ ربّهم ليس بجسم، ولا بصورة، ولا يشبه الأشياء، ولا يتحرّك، ولا يسكن، ولا يماسّ. وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج. وهؤلاء قوم من متأخّريهم، فأمّا أوائلهم فإنّهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه»۳.
وقال في موضع آخر: «واختلفت الروافض في القرآن، وهم فرقتان... والفرقة الثانية منهم يزعمون أنّه مخلوق محدَث، لم يكن ثمّ كان، كما تزعم المعتزلة والخوارج، وهؤلاء قوم من المتأخّرين منهم»۴.
والمثير للدهشة أنّ نسبة تأثّر الإمامية بالمعتزلة قد سَرَت إلى بعض محدّثي الإمامية أنفسهم، وبهذا الصدد يحدّثنا الشريف المرتضى في حوار له مع شيخه المفيد، فيقول: «قلتُ: فإنّي لا أزال أسمع المعتزلة يدَّعون على أسلافنا أنّهم كانوا كلهم مشبّهة، وأسمع المشبّهة من العامّة يقولون مثل ذلك، وأرى جماعة من أصحاب الحديث من الإمامية يطابقونهم على هذه الحكاية، ويقولون: إنّ نفي التشبيه إنّما أخذناه من المعتزلة!»۵، فأجاب الشيخ المفيد على هذه الشبهة، ثم