245
الشريف المرتضى و المعتزلة

والإمامة والمعاد. إنّ تحليلنا لهذه المفارقة - والتي تدلّ بحدّ ذاتها على عدم كون المرتضى معتزلياً؛ إذ لو كان كذلك لكان تابعاً للمعتزلة في أبحاث النبوّة والإمامة والمعاد، أو النبوّة والمعاد كحدًّ أدنى دون الإمامة، وذلك للحفاظ على طبيعة فكره كمتكلّم إمامي - هو أنّ ذلك يرجع إلى نوع الأدلّة التي كانت في مُتناوَل يد المرتضى، فهو في أبحاث النبوّة والإمامة والمعاد اعتمد بصورة عامّة على الإجماع - كما في بحث عصمة الأنبياء علیهم السّلام، والكثير من أبحاث الإمامة والوعيد كما تقدّم - أو العلم - كما تقدّم في بحث الصرفة - وغير ذلك من الأدلّة العلمية التي تسمح مدرسة المرتضى الفكرية باستخدامها كدليل، وكلّ هذه الأمور سمحت له بمخالفة المعتزلة.

أمّا متابعته لهم في بعض مسائل التوحيد والعدل فراجعٌ إلى أنّ بعض تلك المسائل تقع في دائرة ما أسميناه: «منطقة الفراغ» التي لا يُعلم فيها رأيُ الإمام، ففي هذه الحالة يعتمد المرتضى على العقل. ويبدو أنّ أدلّة المعتزلة في تلك المسائل كانت قوية ومقنعة من وجهة نظره، لذلك قام بمتابعتهم فيها.

لقد اقترب المرتضى من المعتزلة وابتعد عنهم في مسائل مختلفة، إلّا أنّه بقي مرابطاً بقوّة في الخندق الإمامي، منافحاً ومدافعاً عنه بكلّ ما أوتي من قوّة.


الشريف المرتضى و المعتزلة
244

۷. تابع المرتضى المعتزلة في بعض النظريات، مثل حقيقة صفات السمع والبصر، والإرادة، والاستطاعة، وتقدّم القدرة على الفعل، ففي هذه المسائل وافق المعتزلة بشكل كامل، وهو في هذه المسائل كان تابعاً للمعتزلة بلا شكّ. كما يمكن اعتباره تابعاً لهم في نظرية الأحوال، لكن تقدّم تشكيكنا في إيمانه بأصل هذه النظرية.

ومن المسائل التي تابَعَ المرتضى المعتزلة فيها، بعضُ المسائل التي تعتبر مقدّمات لمسائل كلامية أخرى، مثل تعريف العلم وأقسامه، وتعريف النظر وشروطه، وبحث الخاطر، والتكليف وشروطه، واللّطف، حيث تابع المرتضى في بعض تفاصيل اللّطف أبا عبد الله البصري على حساب أبي هاشم الجبّائي.

هذه من الملاحظات التي قلّما يشار إليها، وهي تقع عند وجود خلاف في الرأي بين أبي هاشم الجبّائي وتلميذه أبي عبد البصري المعروف بـ «جُعَل»، فإنّ المرتضى يقف عادة إلى جانب البصري ويرفض رأي أبي هاشم، كما في مسألة شرط النظر، وبعض تفاصيل اللّطف كما تقدّم.

۸. لقد تابع المرتضى البصريين من المعتزلة على حساب البغداديين منهم في مسائل حقيقة السمع والبصر، والإرادة، ووجوب اللّطف في الدين، وعدم وجوب الأصلح في الدنيا، وحقيقة الإنسان.

والنتيجة: أنّ مجرّد موافقة المرتضى لآراء المعتزلة لا يعني أنّه تابع لهم فيها، بل لهذا الأمر صور وحالات مختلفة، قد يكون في بعضها تابعاً لهم، وقد لا يكون كذلك.

رابعاً: لقد اختلف المرتضى مع المعتزلة في مسائل كثيرة من النبوّة والإمامة والمعاد - تقدّم بعضها -، مثل ظهور المعجزات على يد غير الأنبياء علیهم السّلام، وجهة إعجاز القرآن، وعصمة الأنبياء علیهم السّلامعن الصغائر المُرذِلة، والوجوب العقلي للإمامة وطريقة الاستدلال على ذلك، والنصّ على الإمام، وحقيقة الإيمان والكفر، ومباحث الوعد والوعيد، والموافاة والإحباط، والتوبة، والشفاعة.

خامساً: تقدّم أنّ المُراجع لآراء وأفكار المرتضى الكلامية يرى أنّه يقترب من المعتزلة في أبحاث التوحيد والعدل، لكنّه يبتعد عنهم ويخالفهم في الكثير من أبحاث النبوّة

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1049
صفحه از 275
پرینت  ارسال به