العقاب سوف لن يفسح المجال لأيّ ثواب، وذلك بسبب التعارض والتنافي بينهما، فلابدّ أوّلاً من زوال العقاب من خلال التوبة، حتى يُفسَح المجال أمام استحقاق الثواب.
ولهذا رفض المرتضى هذا الاستدلال من خلال مناقشة الصغرى، فإنّه مَن قال إنّ الفاسق المستحقّ للعقاب لا يمكنه أن يحصل على شيء من الثواب؟ إنّ هذا هو أوّل الكلام، وهو محلّ النزاع؛ فالمرتضى يرى أنّه لا يستحيل اجتماع استحقاق الثواب والعقاب معاً وفي آن واحد كما تقدّم عند البحث عن إبطال التحابط۱.
الشفاعة: اختلف المرتضى مرّة أخرى مع المعتزلة حول حقيقة الشفاعة، فالشفاعة عنده تعني إسقاط العقاب عن مستحِقّه، ولكنّ هذا الإسقاط - كما تقدّم في التوبة - ليس واجباً على الله تعالى، بل هو تفضّل منه۲. وبذلك اتّضح ما تقدّم من أنّ المُسقِط الوحيد للعقاب هو عفو مَن بيده العفو، أمّا التوبة والشفاعة فليستا إلّا شروطاً أو مقدّمات للعفو والتفضّل باسقاط العقاب.
أمّا المعتزلة فلم يعرّفوا الشفاعة بذلك، أي إسقاط العقاب؛ وذلك لأنّهم قسّموا المعاصي إلى كبائر وصغائر، أمّا الكبائر فعقابها لا يسقط برأيهم أبداً، بل صاحبها مخلّد في النار، وأمّا المعاصي الصغيرة فيمكن أن يرتفع عقابها من خلال إحباطه وإزالته. وبذلك لم تبقَ لهم حاجة بحسب الظاهر إلى تفسير الشفاعة بسقوط العقاب.
أمّا الشفاعة الواردة في الآيات والروايات ففسّروها بزيادة المنافع والدرجات، وذهبوا إلى أنّ الشفاعة ترفع من منزلة المشفوع له.
لكن أشكل المرتضى على هذا التعريف للشفاعة بأنّه يلزم منه أن نكون شفعاء للنبيّ صلی الله علیه و آله إذا دعونا الله تعالى له بزيادة الدرجات، ومن الواضح أنّه لا أحد يرضى بتسمية الأشخاص العاديين شفعاء للنبيّ صلی الله علیه و آله لا لفظاً ولا معنى۳.