الكفر الذي تترتّب عليه أحكام مخصوصة كالمنع من التوارث والنكاح۱، ولذلك قالوا: إنّ مرتكبي الكبائر من المسلمين ليسوا مؤمنين ولا كفّاراً، بل ينطبق عليهم اسم الفسق، وبذلك صار للعمل دور أساسي في تعريف الفسق كما كان بالنسبة للإيمان، وصار هذا الأمر - أي اعتبار مرتكب الكبيرة فاسقاً - علامة فارقة تميّز المعتزلة من غيرهم، وقد عرفت هذه العلامة باسم: «المنزلة بين المنزلتين»۲، وصارت أحد أصول المعتزلة الخمسة.
وقد أبدى الإمامية رأيهم حول مسألة مرتكب الكبيرة؛ باعتبار أنّها صارت مسألة مهمّة ومطروحة على بساط البحث بين المتكلّمين، فقالوا: إنّ مرتكب الكبيرة العارف بالمعارف التي أوجبها الله تعالى ينطبق عليه عنوان الإيمان، فهو من حيث الاعتقاد مؤمن، لكنّه من حيث ارتكابه المعاصي فاسق۳.
إنّ جَعل المعرفة والتصديق القلبي أساساً للإيمان عند الإمامية سمح لهم بإخراج المنافقين من دائرة الإيمان بكلّ سهولة، فالمنافق مهما أظهر من الإيمان القولي والفعلي، فإنّه لا يكتسب عنوان المؤمن أبداً ما دام قلبه جاحداً للمعارف الحقّة۴.
ثم إنّ اعتبار المعرفة أساساً للإيمان، وتقسيم الناس إلى مؤمن وكافر قد تعود جذوره إلى ما هو معروف في التراث الإمامي من تقسيم الناس بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله إلى مؤمن وكافر، أو منافق، فمن وجهة نظر الإمامية أنّ انقسام المسلمين قد حصل بعد وفاته صلی الله علیه و آله، حيث صار من تابَعَ الإمامَ علياً علیه السّلام مؤمناً، ومن أنكر إمامته كافراً أو منافقاً۵، وقد كان أساس هذا التقسيم هو معرفة إمامة الإمام عليّ علیه السّلام وجحدها. ويمكن العثور على هذا التقسيم في الأحاديث النبوية، مثل قول رسول الله صلی الله علیه و آله: «حبّ عليّ إيمان، وبغضه نفاق»۶، فقد قسّم هذا الحديث الناس على