الخطايا»۱. فكأنّه هنا يحاول إثبات ضرورة إقامة الرسول صلی الله علیه و آله للإمام (النصّ) من خلال صفة العصمة.
لقد فرض دليلُ العصمة على وجوب النصّ نفسَه على متكلّمي الإمامية بصورة قويّة، وهذا الأمر يعود إلى وضوحه وسلامته من الإشكالات، إضافة إلى أنّه دليل منقول من كلام أئمّة أهل البيت علیهم السّلام، فقد روي عن الإمام عليّ بن الحسين علیه السّلام أنّه قال: «الإمام منّا لا يكون إلّا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيُعرف بها، ولذلك لا يكون إلّا منصوصاً»۲.
أمّا المرتضى فلم يخرج عن جماعة الإمامية في هذه المسألة، واستدلّ على النصّ من خلال العصمة۳، واختلف مع المعتزلة الذين لم يؤمنوا بعصمة الإمام، وبذلك لم يجدوا ضرورة لاشتراط النصّ، فقاموا بإنكاره كشرط من شروطه الإمام۴. وبالتالي أصبح الإمامية - ومنهم المرتضى - والمعتزلة في هذه المسألة على طرفي نقيض.
تعليق
إنّ التأمّل في «دليل العصمة» قد يثير تساؤلاً مهمّاً، وهو: لقد تقدّم أنّ الإمامية في عصر الحضور والغيبة الصغرى كانوا يشترطون النصّ لمعرفة الإمام، لكن بعد مجيء عصر الغيبة الكبرى أضيف طريق جديد للتعرّف على شخص الإمام، وهو طريق الإعجاز، فلأجل التعرّف على شخص الإمام صار هناك طريقان لا واحد، هما: النصّ والمعجزة، وإذا كان كذلك فسوف لن ينحصر الطريق لمعرفة العصمة المتقدّمة في «دليل العصمة» بالنصّ، بل سيكون هناك طريق آخر وهو المعجزة.
لقد ألقى هذا التطوّر الجديد بظلاله على «دليل العصمة» المتقدّم، فقد تقدّم أنّ العصمة أمر باطني، والله تعالى هو الوحيد القادر على معرفة المعصوم من غيره،