وتمكّنوا من استثمارها في عدّة مجالات:
منها، تحويل الإمام إلى مرجعية فكرية أساسية، بحيث لا تتقدّم عليها أيّ مرجعية أخرى.
ومنها، سدّ الطريق أمام كلّ من يدّعي الإمامة، وهو يمارس الأعمال القبيحة والمعاصي.
ومنها، ما سوف يأتي من الاستدلال على وجوب النصّ على الإمام، باعتبار أنّ صفة العصمة صفة باطنية لا يطّلع عليها إلّا الله تعالى.
ومنها، الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين علیه السّلام، باعتبار أنّ الإمامة قد أدّعيت لثلاثة أشخاص لا رابع لهم، وهم: أمير المؤمنين علیه السّلام، وأبو بكر، والعبّاس، وقد أجمع المسلمون على عدم عصمة أبي بكر والعبّاس، فلا يبقى ممّن ادُّعيت له الإمامة إلّا أمير المؤمنين علیه السّلام، فيكون هو الإمام، وإلّا خرج الحقّ من الأمّة بأسرها۱.
وقد آمن المرتضى بكلّ ذلك، واختلف مع المعتزلة الذين رفضوا فكرة عصمة الإمام، واعتبروه رئيساً وقائداً سياسياً عادياً، لكن اشترطوا فيه العدالة التي هي مرتبة أنزل من العصمة۲.
واستدلّ المرتضى على العصمة بما تقدّم آنفاً عند البحث عن وجوب الإمامة من اشتراط ذلك بشرطين، وكان أحدهما ارتفاع العصمة عن الناس، فبما أنّ الناس غير معصومين، فهُم بحاجة إلى من يقودهم ويمنعهم من الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين، وذلك من باب اللّطف، فإن كان ذلك الشخص (الإمام) غير معصوم أيضاً، لكان شرط الحاجة إلى الإمام موجوداً فيه، فيكون هو أيضاً بحاجة إلى إمام آخر، وهذا يؤدّي إلى إثبات ما لا يتناهى من الأئمّة، أو ينتهي إلى إمام معصوم، وهو المطلوب۳.
وهكذا تمكّن المرتضى من استثمار أفكار اعتزالية كاللّطف، واستخدامها لخدمة