تفسير إعجاز القرآن، وبذلك سيكون لهذه النظرية مجال للدخول في المنظومة الفكرية للمرتضى المبنيّة على العلم واليقين.
۴. عصمة الأنبياء علیهم السّلام
لقد كان لتراث أهل السنّة دور هامّ في إثارة البحث حول عصمة الأنبياء علیهم السّلام، فقد احتوى هذا التراث الموصوف أحياناً بالصحيح على مجموعة من القصص والحكايات التي تطعن في بعض الأنبياء علیهم السّلام، وتنسب إليهم ارتكاب الكبائر۱. ولهذا أجاز الحشوية وأهل الحديث من أهل السنّة الكبائرَ كلّها على الأنبياء علیهم السّلام، واستثنوا من ذلك الكذب؛ لأنّ تجويزه سوف يؤدّي إلى الشكّ والارتياب في كلّ ما يقوله النبيّ علیه السّلام، وهو يؤدّي إلى ضياع الشريعة، أمّا قبل البعثة فقد أجازوا ارتكاب الكبائر كلها وبلا استثناء على الأنبياء علیهم السّلام۲.
ويبدو أنّ هناك عاملاً آخر أثّر على بحث العصمة، وأدّى إلى التمييز بين الكبائر والصغائر، وهو سلوك الخلفاء الذين وصلوا إلى سدّة الحكم بعد رسول الله صلی الله علیه و آله، وخاصّة الخليفتين الأوّل والثاني، فقد امتلك هذان الخليفتان قدسية خاصّة لدى أهل السنّة، بحيث لو تمكّنوا لجعلوهم في مصافّ الأنبياء علیهم السّلام، إلّا أنّ الواقع اصطدم بحقيقةِ شخصيةِ الخليفتين قبل الإسلام، فهما قد قضيا نصف عمرهما أو أكثر من ذلك في الكفر وارتكاب الكبائر، كشرب الخمر والسجود للأصنام وغير ذلك، وأنّ حقيقة ارتكاب الخليفتين للكبائر قبل الإسلام أمر لا يُنكر، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنّ وصولهما إلى مستوى القدسية بحيث مُنحوا مقاماً قد يساوي بعض الأنبياء علیهم السّلام، كلّ هذا سهّل تقبُّل ارتكاب الأنبياء علیهم السّلام للكبائر، فما دامت هناك شخصيات إسلامية مقدّسة كانت ترتكب الكبائر قبل الإسلام، فلِمَ لا يجوز ذلك على الأنبياء علیهم السّلام؟!! لقد طرحت هذه العوامل وغيرها المجال واسعاً أمام السنّة للتشكيك في عصمة الأنبياء علیهم السّلام.
وقد كانت كلّ هذه العوامل مطروحة أمام المعتزلة أيضاً؛ لإيمانهم بصحّة الكثير