ب - حقيقة الصرفة عند المرتضى
بعد أن هدم المرتضى جميع النظريات المطروحة وعلى رأسها نظرية الفصاحة، قام بطرح نظرية الصرفة كبديل وحيد لا ثاني له.
وقد فسّر هذه النظرية بأنّ النبيّ صلی الله علیه و آله قد تحدّى المشركين أن يأتوا بكلام فصيح كالقرآن، وأنّ الله تعالى صَرَفهم عن أن يأتوا بكلام يضاهي القرآن في فصاحته وطريقته ونظمه، وذلك من خلال سلب العلوم المساعدة على معارضة القرآن من كلّ من حاول القيام بذلك۱.
إذن إعجاز القرآن ليس كامناً في ألفاظ القرآن ومحتوياته وفصاحته، بل إعجازه مقارِن له، فالصرف على أيّ حال أمر معجز وخارق للعادة، وهو مقارِن للتحدّي بالقرآن. وهذا لا يعني أنّ القرآن سوف لن يكون «معجزاً»، ولايصحّ أن يقال إنّه ليس «معجزة للنبي صلی الله علیه و آله»؛ لأنّ «المعجز» في الحقيقة هو ماكان له حظّ (أي دخالة) في الدلالة على صدق من جاء به، وممّا لا شكّ فيه أنّ القرآن - وفقاً لنظرية الصرفة - له هذا الحظّ وهذه الدخالة؛ لأنّه لولا التحدّي بالقرآن لما حصل الصرف. ثم إنّ العرف يفهم من قولنا: «إنّ القرآن ليس بمعجز» أنّه لايدلّ على النبوّة، وأنّ البشر يقدرون على مثله، لكنّ القائل بالصرفة لايدّعي أنّ البشر قادرون على مثل القرآن؛ لأنّهم سوف يُصرَفون عن ذلك عندما يحاولون المعارضة. وإذا قيل إنّ المقصود من إعجاز القرآن «أنّه خارق للعادة في نفسه، دون ما هو مسند إليه، ودالّ عليه من الصرف عن معارضته» فهذا المعنى للإعجاز لا يرتضيه المرتضى، ويقول: إنّ هذا المعنى للإعجاز «ممّا لايعرفه مَن يُراد الشناعة عندهم»۲.
ومن جهة أخری، لماذا ركّز المرتضى عند طرحه لنظرية الصرفة على فكرة أنّ الله تعالى يسلب من يريد المعارضة العلومَ التي تساعده على المعارضة، ولم يقل إنّ الله