أمّا الإمامية فقد ذهب أكثرهم إلى جواز ظهور المعجزة على يد غير الأنبياء علیهم السّلام من الأئمّة والصالحين وأفاضل المؤمنين. وقد نسب الشيخ المفيد هذا الرأي إلى «جمهور أهل الإمامة»۱، فيما نسبه المرتضى إلى «أصحابنا»۲، ونسبه القاضي عبد الجبّار إلى «كثير من الإمامية»۳.
وقد نسب الشيخ المفيد الخلافَ إلى بني نوبخت الذين كانوا يعيشون في عصر الغيبة الصغرى، فقد اتّفقوا مع المعتزلة على عدم جواز ظهور المعجزة على يد الأئمّة علیهم السّلام۴.
ومِن أبرز مَن ذهب إلى جواز ذلك من الإمامية الشيخُ المفيدُ، فقد ذهب إلى جواز ذلك عقلاً، وأنّه لا يوجد في العقل ما يدلّ على وجوب ذلك أو امتناعه، لكن بما أنّ الروايات المتظافرة قد دلّت على ظهور المعجزة على يد الأئمّة علیهم السّلام، لذلك قطع بتحقّقها من جهة السمع۵.
وممّن ذهبوا إلى جواز ذلك أيضاً الشريفُ المرتضى، حيث ابتعد في هذه المسألة عن المعتزلة، ووقف في وجههم، وصرّح بأنّ المعجزة قد يجوز ظهورها على يد الأئمّة علیهم السّلام أحياناً، وقد تجب أحياناً أخرى، أمّا ظهورها على يد الصالحين وأفاضل المؤمنين فهو جائز غير واجب۶.
واستدلّ على ذلك بأنّ المعجزة تدلّ على صدق دعوى من يدّعيها، فإن ادّعى النبوّة دلّت على نبوّته، وإن ادّعى الإمامة دلّت على ذلك، وإن ادّعى صلاحاً دلّت على صدقه فيما يقوله. إضافة إلى أنّ ظهور المعجزة على يد غير الأنبياء علیهم السّلام ليس فيه أيّ وجه من وجوه القبح حتّى يُمنع منه، وبذلك تكون جائزة۷.
1.. المفيد، أوائل المقالات، ص۶۸.
2.. المرتضی، الذخيرة، ص۳۳۲.
3.. القاضي عبد الجبّار، المغني (التنبؤات والمعجزات)، ج۱۵، ص۲۱۸.
4.. المفيد، أوائل المقالات، ص۶۸.
5.. المصدر السابق.
6.. المرتضی، الذخيرة، ص۳۳۲.
7.. المصدر السابق؛ المرتضی، الشافي في الإمامة، ج۱، ص۱۹۶.