المبحث الثالث:

النبوّة

۱. ظهور المعجزات على يد غير الأنبياء علیهم السّلام

من الأبحاث التي وقع فيها خلاف بين المرتضى والمعتزلة هي مسألة إمكان ظهور المعجزة على يد الأئمّة علیهم السّلام والصالحين، فقد ذهب المعتزلة إلى عدم إمكان ظهور المعجزة على يدهم، واستثنى الشيخ المفيد ابنَ الإخشيد ومن اتّبعه من المعتزلة، فنسب إليه القول بجواز ذلك^۱. إلّا أنّ ابن الملاحمي نقل عن أبي الحسين البصري أنّ ابن الإخشيد جوّز ذلك من جهة العقل، لكنّه منعه من جهة السمع، وقال: «إنّ السمع منع من ظهوره على يد الصالح»^۲.

ويبدو أنّ معظم الفِرَق وافقت المعتزلة على المنع من ذلك، لكن استُثني من ذلك فرقة واحدة وهم أهل الحديث^۳.

وقد اختلف أبو الحسين البصري - وهو من متأخّري المعتزلة - معهم، فذهب إلى جواز ظهور المعجزة على يد الصالحين، وأكّد على أنّ السمع لم يمنع منه، وقد ألّف في هذا الموضوع رسالة مستقلّة، وتابعه على ذلك ابن الملاحمي الخوارزمي، حيث ناقش جميع الأدلّة التي أقيمت على المنع^۴.

قتله - أن يعيش فترة أطول من الزمن، فإنّه يلزم في ذمّة القاتل أعواضُ ما فات المقتول من المنافع التي لولا قتله لكان قد حصل عليها، أي أنّ المقتول يستحقّ أن يأخذ عوض قتله، وعوض المنافع التي كان يمكن أن يحصل عليها لولا قتله^۱.

إلّا أنّ المرتضى اختلف معهم في هذه النقطة أيضاً، حيث قال: إنّ تفويت هذه المنافع لايستحقّ عليها العوض، وإنّما يستحقّ عليها الذمّ فقط؛ فليس كلّ إساءة يستحقّ عليها الذمّ يستحقّ عليها العوض أيضاً. نعم يمكن أن يقال: إنّ المقتول يستحقّ العوض في مقابل الغمّ الذي يصيبه بسبب المنافع التي فاتته بالقتل، وهو غير ما ذهب إليه البصريون^۲. وخلاصة الكلام أنّ المرتضى لا يؤمن بوجوب العوض على تفويت المنافع، بخلاف معتزلة البصرة.