المبحث الثالث:
النبوّة
۱. ظهور المعجزات على يد غير الأنبياء علیهم السّلام
من الأبحاث التي وقع فيها خلاف بين المرتضى والمعتزلة هي مسألة إمكان ظهور المعجزة على يد الأئمّة علیهم السّلام والصالحين، فقد ذهب المعتزلة إلى عدم إمكان ظهور المعجزة على يدهم، واستثنى الشيخ المفيد ابنَ الإخشيد ومن اتّبعه من المعتزلة، فنسب إليه القول بجواز ذلك۱. إلّا أنّ ابن الملاحمي نقل عن أبي الحسين البصري أنّ ابن الإخشيد جوّز ذلك من جهة العقل، لكنّه منعه من جهة السمع، وقال: «إنّ السمع منع من ظهوره على يد الصالح»۲.
ويبدو أنّ معظم الفِرَق وافقت المعتزلة على المنع من ذلك، لكن استُثني من ذلك فرقة واحدة وهم أهل الحديث۳.
وقد اختلف أبو الحسين البصري - وهو من متأخّري المعتزلة - معهم، فذهب إلى جواز ظهور المعجزة على يد الصالحين، وأكّد على أنّ السمع لم يمنع منه، وقد ألّف في هذا الموضوع رسالة مستقلّة، وتابعه على ذلك ابن الملاحمي الخوارزمي، حيث ناقش جميع الأدلّة التي أقيمت على المنع۴.
1.. المفيد، أوائل المقالات، ص۶۹.
2.. ابن الملاحمي، الفائق، ص۳۱۷ - ۳۱۸.
3.. المفيد، أوائل المقالات، ص۶۹؛ المرتضی، الذخيرة، ص۳۳۲.
4.. ابن الملاحمي، الفائق، ص۳۱۸ - ۳۲۱.