إثبات الألم، والوجوه التي يحسن أو يقبح لأجلها، والوجوه التي يفعل الله تعالى الألم لأجلها. ثم بحثوا عن العوض الذي يستحقّه الإنسان مقابل الآلام والشرور التي يتعرّض لها، وأنّه متى يجب العوض على الله تعالى ومتى لا يجب، وهل أنّ العوض دائم أو منقطع؟ وهل يسقط بالهبة والإبراء؟۱ إلى غير ذلك من الأبحاث التي قد حُذف أكثرها من الكتب الكلامية المتأخّرة، إلّا أنّ بعضها يُبحث عنه تحت عنوان: «مسألة الشرور».
وقد التقى المرتضى مع معتزلة البصرة في بعض هذه الأبحاث، إلّا أنّه اختلف معهم في مواطن أخرى لا تقلّ شأناً من تلك التي التقى فيها معهم. ومن أهمّ المسائل التي اختلف فيها مع البصريين هي:
أ - مساواة الأعواض مع مقدار الظلم حين وقوعه
عندما يقع الظلم من الظالم، يجب عليه دفع عوض ذلك إلى المظلوم، فلو قتل إنسانٌ إنساناً وجب عليه عوضه، أمّا الله تعالى الذي مكّن الظالم من الظلم من خلال إعطائه القدرة والاختيار فلا يجب عليه العوض؛ لأنّ العوض لا يجب بالتمكين، وإلّا فسوف يجب على الحدّادين وصانعي السيوف دفع عوض الجنايات التي تُرتكب بالسيوف التي يصنعونها؛ لتمكينهم الجُناة من ارتكاب الجريمة من خلال صناعتهم السيوف. إذن لايجب العوض على الله تعالى بسبب تمكينه من الظالم، ولكنّ ذلك التمكين يوجِب عليه الانتصاف من الظالم۲.
وحينئذ يرد السؤال التالي: إذا لم يجب العوض على الله تعالى، ووجب على الظالم، ففي هذه الحالة قد يرتكب الظالم جرائم عديدة من قتل ونهب وإبادات جماعية بحيث نقطع بأنّه لا يمتلك ذلك المقدار من الأعواض التي يتمكّن بواسطتها من دفع عوض كلّ الجرائم التي ارتكبها، فكيف يمكن في هذه الحالة الانتصاف منه؟ في هذه النقطة اختلف المرتضى مع البصريين، فقد ذهب أبوهاشم وقاضي