يحسن أن يُفعل. ذهب إلى هذا أبو عبد الله البصري، ووافقه عليه تلميذه القاضي عبد الجبّار۱. لكن ذهب أبو هاشم إلى أنّه يحسن تكليفه، رغم قبح لطفه، فيكون بمنزلة من لا لطف له۲.
وقد مال المرتضى إلى رأي البصري أيضاً، تاركاً ما ذهب إليه أبو هاشم۳.
ومن ذلك أيضاً، ذهب أبو هاشم إلى أنّه تعالى إذا لم يلطف بالعبد، لم يحسن منه أن يعاقبه، ولا حتّى أن يذمّه على فعل القبيح، وإنْ حسن من غيره تعالى (باقي الناس) أن يذمّه على ذلك. ودليل ذلك هو أنّه بمنع اللّطف سيكون الله تعالى هو السبب الحقيقي لوقوع العبد في المعصية، فلا يحسن أن يعاقبه، أو أن يذمّه على فعل القبيح۴. وبذلك يكون المكلَّف تعالى كأنّه سلب حق نفسه في العقاب۵.
وقد وافقه البصري في القسم الأوّل من كلامه وخالفه في الثاني، فوافقه في عدم حسن عقابه، لكنّه خالفه في عدم حسن ذمّه، فقال: إنّه لا يحسن عقابه، لكن يحسن ذمّه من قِبَل الله تعالى؛ وذلك لأنّ سبب استحقاقه الذمّ سبب عامّ، وهو فِعل القبيح، فكلّ من فعل القبيح استحقّ الذمّ، وهذا سبب عامّ يشمل الله تعالى وباقي الناس، ولا يختصّ بذامًّ دون آخر. وقد وافقه على ذلك القاضي عبد الجبّار۶.
ولم يختلف موقف المرتضى عن مواقفه السابقة في متابعة رأي البصري، فقد ذهب أيضاً إلى قبح عقاب العاصي الذي لم يُلطف به، وحُسن ذمّه من قِبَل الله تعالى۷. وبذلك يكون المرتضى قد تابع المعتزلة في أصل فكرة اللّطف التي أبدعها المعتزلة أنفسهم، واستثمرها لصالح فكرة الإمامة، وأمّا تفاصيل اللّطف فقد مال فيها
1.. المصدر السابق، ص۶۷ - ۶۸.
2.. المصدر السابق.
3.. المرتضی، الذخيرة، ص۱۹۵ - ۱۹۶.
4.. القاضي عبد الجبّار، المغني (اللّطف)، ج۱۳، ص۷۴.
5.. المرتضی، الذخيرة، ص۱۹۶.
6.. القاضي عبد الجبّار، المغني (اللّطف)، ج۱۳، ص۷۴ - ۷۵.
7.. المرتضی، الذخيرة، ص۱۹۶ - ۱۹۷.