ذهب الأشاعرة إلى أنّه صفة ذاتية قديمة، وبذلك ظهروا على العالَم بنظرية «الكلام النفسي» الشهيرة۱.
وقد سبق هذا النزاعَ نزاعٌ بين المعتزلة وأهل الحديث حول حدوث القرآن وقِدمه، فذهب المعتزلة إلى حدوثه، وأهل الحديث إلى قِدمه، ويبدو أنّ هذا النزاع هو الذي أدّى إلى الاختلاف في اختيار تعريفٍ للكلام من قِبل المعتزلة والأشاعرة (ورثة أهل الحديث)، فمن ذهب إلى حدوث القرآن الذي هو كلام الله تعالى، فمن الطبيعي أن يجعل الكلام صفة فعل، فإنّ صفات الفعل حادثة، بينما من ذهب إلى قِدم القرآن فسوف يميل إلى اعتبار الكلام صفة ذاتية؛ لأنّ صفات الذات كلّها قديمة.
أمّا الإمامية فيحدّثنا الشيخ المفيد أنّهم قد أجمعوا على أنّ كلام الله تعالى مُحدَث، وأنّه قد دلّت الآثار الواردة عن أهل البيت علیهم السّلام على ذلك. كما ذكر أنّ كافّة الإمامية - إلّا من شذّ منهم - اتّفقوا على أنّ القرآن الكريم مُحدَث كما وصفه الله تعالى بذلك، لكن يمنعون من إطلاق لفظ «مخلوق» على القرآن، وأنّ روايات أهل البيت علیهم السّلام قد دلّت على ذلك أيضاً.۲
إذن لقد اتّفق الإمامية والمعتزلة حول هذه المسألة، لكن هذا لا يعني أنّ الإمامية كانوا تابعين للمعتزلة في ذلك، بل لهم مصادرهم الخاصّة بهم، والتي أشار إليها الشيخ المفيد، أي روايات أهل البيت علیهم السّلام، والإجماع الذي تقدّم أنّه يكشف عن قول المعصوم الغائب علیه السّلام الذي لا يمكن مخالفته بأيّ حال من الأحوال.
ولم يخرج الشريف المرتضى عن الاتّجاه العامّ للإمامية، فذهب إلى حدوث الكلام الإلهي، وأبطل ما يقال من أنّه قديم۳، وعرّف المتكلّم بأنّه مَن فعل الكلام۴،