أمير المؤمنين علیه السّلام۱، الذي يُعدّ أساس الإمامية، والذي منه يصدرون، وإليه يفيؤون.
أمّا بالنسبة للمرتضى فهو لم يخرج من إطار الإمامية، حيث نفى التشبيه والتجسيم۲، وبذلك لا يمكن عدُّه تابعاً للمعتزلة في هذه المسألة.
۹. نفي الرؤية
دار نزاع قديم بين المتكلّمين حول رؤية الله تعالى بالعين، فذهب بعضهم إلى إمكانها ووقوعها يوم القيامة، وهم المشبّهة والأشاعرة، بينما ذهب أهل العدل إلى استحالتها۳.
وليس هناك بحث مع المشبّهة والمجسّمة في هذه المسألة؛ لأنه لو ثبت التجسيم لثبت إمكان الرؤية بكلّ تأكيد، فالكلام مع المجسّمة يدور حول أصل إثبات الجسمية لله تعالى وعدمه، لكن البحث إنّما يتعلّق بمن يَنفي الجسمية، وفي نفس الوقت يُثبت الرؤية!!۴
وينقسم البحث حول موضوع نفي الرؤية إلى قسمين رئيسيين:
الأوّل: الاستدلال لإثبات استحالة رؤية الله تعالى بالأبصار، وهو يشكّل الحجم الأكبر من البحث في هذه المسألة۵.
الثاني: إثبات أنّه تعالى غير مرئي في نفسه، فإنّه قد يقال: إذا ثبت أنّه لا يُدرَك بالأبصار، لكن يبقى هذا الاحتمال وهو أنّه قد يكون في نفسه قابلاً للإدراك۶.
أمّا بالنسبة لتاريخ المسألة عند الإمامية، فتاريخها واضح، فإنّ هناك العديد من الروايات التي تنصّ على نفي نسبة الرؤية لله تعالى، منها ما روي عن الإمام جعفر الصادق علیه السّلام أنّه قال: «جاء حبر إلى أمير المؤمنين علیه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيتَ ربّك حين عبدتَه؟ فقال: وَيلَك، ما كنتُ أعبدُ ربّاً لم أره. قال: وكيف رأيتَه؟ قال:
1.. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج۱، ص۱۷؛ ابن المرتضى، طبقات المعتزلة، ص۷.
2.. المرتضی، الملخّص، ص۲۰۱.
3.. العلّامة الحلّي،كشف المراد، ص۲۹۶-۲۹۷.
4.. القاضي عبد الجبّار، المغني (رؤية الباري)، ج۴، ص۱۴۰؛ المرتضی، الملخّص، ص۲۲۷.
5.. المرتضی، الملخّص، ص۲۲۷.
6.. المصدر السابق، ص۲۵۰.