الشيخ المفيد حياً، ثم تغيّر رأيه بعد ذلك، واختار نظرية الأحوال، والله العالم.
إذن هناك عدم وضوح حول تبنّي المرتضى لنظرية الأحوال وعدمه، لكن لا يمكن نفي إيمانه بالأحوال بصورة جازمة.
وبعد نهاية البحث عن الأبحاث العامّة حول الصفات، نتطرّق إلى البحث عن أهمّ الصفات الإلهية، وهي:
۳. القدرة
بعد أن أثبت المرتضى وجود المُحدِث للأجسام، بدأ ببيان صفاته، فلم يُسمَّ مُحدِث الأجسام إلهاً إلّا بعد إثبات بعض الصفات الثبوتية كالقدرة والعلم، وإثبات أزليّتها وعمومها وغير ذلك من خصوصيات الذات الإلهية.
وأوّل الصفات التي بحثها هي صفة القدرة، فقد استدلّ على إثباتها لمُحدِث الأجسام من خلال التفريق بين حالتين في الشاهد، فنحن إذا وجدنا في الشاهد ذاتاً يمكن أن يصدر منها فعل مّا، وذاتاً أخرى تشارك الأولى في كل صفاتها المعقولة كالوجود والحياة والعلم، لكن يتعذّر عليها القيام بذلك الفعل، فمن هنا نعلم أنّ الذات الأولى كانت مختصّة بحال أو صفة غير موجودة في الذات الأخرى التي تعذّر عليها القيام بالفعل، وهذا الأمر الذي اختصّت به الذاتُ الأولى هو الذي نسمّيه «القدرة». ومن هنا ننتقل إلى الغائب، فنجد أنّ مُحدِث الأجسام قد قام بفعلٍ، وهو إحداث الأجسام، فيجب أن يكون قادراً؛ لأنّ الدليل مشترك بين الشاهد والغائب۱.
والملاحَظ هنا أنّ المرتضى لم يجزم باختصاص القادر بحال، بل ردّده بين أن يكون مختصّاً بحال أو صفة، وهذا يوحي بعدم تبنّيه الكامل لنظرية الأحوال البهشمية، وتردّده في ذلك كما تقدّم، فهو قد ترك الباب نصف مفتوح، ولم يوصده بالكامل، فلم يؤمن بالنظرية كاملاً، ولم يرفضها بالمرّة، وذلك على خلاف القاضي عبد الجبّار مثلاً، فهو عند تعريفه للقدرة قال: «اعلم أنّ القديم جلّ وعزّ يوصف