«فصلٌ: في كيفية استحقاقه تعالى ما تقدّم ذكره من الصفات، وأنّه يستحقّها لذاته لا لمعانٍ... وإذا بطلت أقسام المعاني كلّها لم يبقَ إلّا أن يكون مستحقّاً لها لذاته، أو لِمَا هو عليه في ذاته»۱. فإنّ قوله: «أو لِمَا هو عليه في ذاته» يتناسب مع نظرية الأحوال، بينما قوله: «مستحقّاً لها لذاته» يتناسب مع نظرية عينية الذات والصفات.
وهناك عبارات أخرى شبيهة بهذه العبارة، مثل قوله حول صفة القِدَم: «فلابدّ من كون هذه الصفة، أو ما تستند اليه من أخصّ أوصافه»۲، وقوله حول القدرة: «...وجب أن يكون قادراً لنفسه، أو لِمَا عليه في نفسه»۳، وأيضاً قوله: «وقد بيّنا أنّ كونه قادراً إذا كان للنفس، أو لِمَا يرجع إلى النفس...الخ»۴، كما قال في موضع آخر: «وقد علمنا أنّ ما هذه صفته إمّا أن يكون من صفات نفسه، أو لِمَا هو عليه في نفسه»۵.
كما عبّر عن صفتي القدرة والعلم بتعبيرين مختلفين، فقال: «...لأنّا قد بيّنا أنّه من حيث كان قادراً لنفسه، أن يكون قادراً...» ثم قال بعد سطور: «لِمَا بيّنّاه من كونه عالماً لِمَا هو عليه في نفسه»۶.
فهذه العبارات مردّدة ترديداً واضحاً بين نظرية العينية والأحوال، وهي قد تدلّ على وجود نوع ترديد في ذهن المرتضى حول اختيار إحدى النظريتين.
ثانياً: ذكر المحقّق الحلّي أنّ الشريف المرتضى ما كان يؤمن بأنّ صفتي السميع والبصير أحوالاً، وإنّما كان يعتبرهما حكماً، فقد قال المحقّق بهذا الصدد: «وصفُهُ بكونه سميعاً بصيراً. فنقول: اتّفق...والمرتضى; يجعل ذلك حكماً، ولا يثبت به وصفاً زائداً، ويقول: معنى ذلك أنّه يصح أن يسمع المسموع ويبصر المبصر إذا وجد. وهذه الصحّة حكمٌ لا حال»۷. ولكن لم يتّضح لنا الفرق بين الحكم والحال. وعلى