135
الشريف المرتضى و المعتزلة

فيرجع إلى فهم عُرفي للمسألة، فالعُرف لا يسمّي الأشياء الخارجة عن الإرادة بأنّها ضرورية مثل «اللّون» أي لون البشرة، فلا يقال له: «لون ضروري»، رغم أنّه قد فعله الله تعالى فينا، ولا يمكننا دفعه عن أنفسنا، وإنّما العُرف يسمّي الأشياء الإرادية - إذا خرجت عن الإرادة - ضرورية فيقول: «حركة ضرورية»۱.

۲. كسبي: وهذا العلم عكس الضروري، فهو «ما يمكن العالم به نفيَه عن نفسه بإدخال الشبهة إذا انفرد». وقد اتّضح من تعريف العلم الضروري حقيقة هذا التعريف، فلا مبرّر للإعادة.

أقسام العلم الضروري

ينقسم العلم الضروري إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأوّل: ما يقع بسبب، بحيث لولا هذا السبب لم يتحقّق العلم، وهو على قسمين:

أحدهما: يجب تحقّقه عند تحقّق سببه، مثل العلم بالمشاهدات في الحالات العادية، عندما يكون الشخص كامل العقل، مع عدم الشبهة واللّبس.

والآخر: يتحقّق عند تحقّق سببه بالعادة لا بالوجوب، وهو على قسمين أيضاً:

أوّلهما: العادة فيه على منوال واحد، ولا اختلاف فيها بين أفراد البشر، مثل حصول العلم بالبلدان الكبيرة والحوادث المشهورة. وقد تقدّم أنّ للشريف المرتضى تشكيكاً في كون هذا القسم من العلم ضرورياً أو مكتسباً۲.

وثانيهما: وهو الذي تختلف فيه العادة من شخص لآخر، مثل حفظ ما يُدرس، أو العلم بالصناعات عند ممارستها، فقد يحصل العلم عند الدراسة، أو ممارسة الصناعة لشخص، ولا يحصل لآخر.

القسم الثاني: يحصل لدى العاقل ابتداء ومن دون سبب، مثاله: العلم بأنّ

1.. مانكديم، شرح الأصول الخمسة، ص۲۲.

2.. المرتضی، الذخيرة، ص۳۴۵.


الشريف المرتضى و المعتزلة
134

۲. أقسام العلم

ينقسم العلم إلىٰ قسمين رئيسيين:

۱. ضروري: وهو «الذي لا يتمكّن العالم به من نفيه عن نفسه إذا انفرد». هذا ما ذكره بعض المعتزلة من تعريف العلم الضروري۱، لكنّ المرتضى لم يرتضِ هذا التعريف بل حاول إدخال بعض الزيادات عليه، فقال: «إنّه عبارة عن ما فعله فيَّ مَن هو أقدر منّي، ممّا هو من جنس مقدوري، على وجه لا أتمكّن من دفعه»۲. فهذه ثلاثة قيود، أمّا القيد الأخير فهو نفس ما جاء في التعريف السابق، وهو من أهمّ خصوصيات كلّ علم ضروري وبديهي، وهو عدم إمكان دفع هذا النوع من العلم وتغييره، فإنّه لو أمكن دفعه وتحويل العلم إلى شكّ أو ظنّ لما كان علماً بديهياً ضرورياً۳.

وأمّا سبب وضع القيد الأوّل في التعريف، وهو أنّه «ما فعله فيَّ مَن هو أقدر منّي»، فيرجع إلى أنّ العلم الضروري غير تابع لمقاصدنا ودواعينا وأسبابنا، على خلاف العلم الاكتسابي فإنّه مِن فعلنا؛ لأنّه تابع لمقاصدنا، فلو أردنا أن نعلم، أقمنا الدليل ونظرنا فيحصل عندنا علم مكتسب، وهذا على خلاف العلم الاضطراري فإنّه يحصل فينا من دون أن يكون لإرادتنا دخالة في ذلك۴. ووفقاً لمباني المرتضى فإنّ الذي يفعل فينا العلم الضروري هو الله تعالى فقط؛ لأنّه تعالى قادر بذاته وليس قادراً بقدرة، ومن كان قادراً بذاته يستطيع أن يخلق العلوم في قلوب الآخرين، أمّا القادر بقدرة - وهو عبارة عن جميع المخلوقات الممكنة - فهو لا يتمكّن من ذلك.

وأمّا سبب إضافة القيد الثاني وهو أن يكون «ممّا هو من جنس مقدروي»

1.. مانكديم، شرح الأصول الخمسة، ص۲۳.

2.. المرتضى، الذخيرة، ص۳۴۸.

3.. المصدر السابق، ص۱۶۵.

4.. المصدر السابق، ص۱۵۶ - ۱۵۷.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 937
صفحه از 275
پرینت  ارسال به