سلاحاً من الآخرين، كما أنّ الآخرين قد يستعيرون منه بعض أسلحته، وهذا لا يعني تأثّر أحدهم بالآخر في أصل النظرية.
ثالثاً: التشابه في الأسلوب والطرح: قد يقال إنّ التشابه في أسلوب البحث وطرحه يدلّ على التأثّر، والمرتضى قد استعمل في كتبه ورسائله العديدة كلماتٍ وجُملاً وأسلوباً مشابهاً لكلمات وجُمل وأسلوب المعتزلة، وهذا دليل على تأثّره بهم واتّباعه لهم.
لكن ينبغي التعليق على هذه النقطة بالقول: إذا لاحظنا التركيبات والجُمل والأسلوب الأدبي المستعمل في كلّ عصر بين العلماء والمثقّفين، لوجدنا أنّ هناك أسلوباً أدبيّاً حاكماً يفرض نفسه على باقي المفكّرين، فيتكلّمون ويكتبون به، ويستخدمون كلماته وجُمَله، وقد كان الأدب الحاكم في عصر المرتضى هو أدب المعتزلة وأسلوبهم، فإنّه كان مهيمناً على مُجمل المشهد العلمي في ذلك العصر، وكلّ من كان يريد أن يطرح نفسه وفكره في الأوساط العلمية كان ينبغي عليه أن يتكلّم بتلك اللّغة وذاك الأدب، وهذا لا يرتبط أبداً بالتأثّر والاتّباع، وإنّما هو أمر طبيعي نشاهده في كلّ عصر.
ونتيجة البحث في هذا القسم هو أنّ مجرّد التشابه في النظرية، أو الدليل، أو الأسلوب الأدبي لا يدلّ على الاتّباع والتأثّر أبداً، ولأجل إثبات التأثّر لابدّ من العثور على أمثلة كثيرة جدّاً من التشابه حتى يمكن التأكّد من وجود التأثّر، وهو الأمر الذي سنستعرضه إن شاء الله في الفصول القادمة.