خاتمة المطاف
خاتمة المطاف
بعد هذا التجوال في رحاب أفكار الشريف المرتضى الكلامية، ومقارنة آرائه مع المعتزلة، انتهينا بحمد الله تعالى إلى مجموعة نتائج:
أوّلاً: لقد بنى المرتضى منظومته الفكرية على أساس قطعي ويقيني، والذي عبّر عنه بالعلم، فاعتمد كلَّ أداة ونظرية تؤدّي إلى العلم، وامتنع من قبول كلّ ما كان غير ذلك، فسار على خُطى العقل كأداة لمعرفة الحقيقة معرفة علمية يقينية، كما اعتمد على الإجماع والخبر المتواتر كأداتين أساسيتين للتعرّف على تعاليم مدرسة أهل البيت علیهم السّلام - والتي تمثّل برأي المرتضى الحقيقة بحذافيرها - معرفة علمية يقينية أيضاً، وبذلك يمكن اعتبار المرتضى «علموياً» قبل أن يكون «عقلانياً»؛ باعتبار أنّ أساس القيمة المعطاة للعقل هو العلم.
ثانياً: بما أنّ المرتضى كان يؤمن بعصمة الإمام علیه السّلام، وأنّ الحقّ معه في الأصول والفروع كلّها، لذلك إذا أمكنه التعرّف على رأي الإمام من خلال أدوات علمية قطعية كالإجماع والتواتر، فإنّه لم يتردّد في اتّباع رأي الإمام، وسوف يغدو الدليل العقلي في هذه الحالة مجرّد مؤيّد وشاهد على صحّة ذلك الرأي. لكن إذا لم يمكنه التعرّف على رأي الإمام من خلال أدوات قطعية علمية، فحينئذ يدخل المرتضى في ما أسميناه: «منطقة الفراغ»، وفي هذه الصورة يتوسّل بالعقل باعتباره الأداة العلمية الوحيدة المتبقّية عنده، فيمشي على خطاه، كما قد يستعين بالأدلّة العقلية الواردة عن أئمّة أهل البيت علیهم السّلام من خلال أخبار الآحاد، فصحيح أنّ خبر الواحد ليس دليلاً جديراً بالاعتماد لدى المرتضى بسبب عدم إفضائه إلى العلم، لكن قد