لأنّه لا توجد مصلحة أو منفعة في الوجود يمكن أن تنفعه وتضيف إليه شيئاً۱.
ويرى المرتضى أنّ البحث عن استحقاق العقاب ليس بحثاً عقلياً بل سمعي خلافاً لاستحقاق الثواب، أي أنّ العقل غير قادر على إثبات استحقاق العقاب، رغم قدرته على إثبات استحقاق الثواب، وبذلك يَثبت استحقاق العقاب بالإجماع والسمع؛ فإنّه لا خلاف بين المسلمين حول أنّ القبائح يُستحقّ عليها العقاب۲.
وقد ناقش المرتضى ثلاثة أدلّة عقلية أقيمت لإثبات استحقاق العقاب على فعل القبائح والمعاصي، ومنها الدليل الذي أقامه أبو هاشم الجبّائي، حيث استدلّ بأنّ الله تعالى قد أوجد في المكلّف الشهوة لفعل القبائح، فلو لم يَعلم المكلّف بأنّه يستحقّ على فعل القبائح الضرر، لكان الله تعالى قد أغراه بالقبيح وخدعه.
وناقشه المرتضى بأنّ الإغراء يزول إذا جوّز المكلّف استحقاق العقاب على فعل القبائح، وهذا التجويز كافٍ في الردع والزجر، ومُخرج من الإغراء۳.
أمّا من الذي يقوم بالعقاب؟ اختلف المرتضى في هذه النقطة مع أبي عليّ الجبّائي، فركّز على أنّ الله تعالى هو الوحيد الذي يمتلك حقّ العقاب على المعاصي والقبائح، بينما حاول الجبّائي تعميم حقّ العقاب ليشمل بعض المكلّفين۴. ولهذا البحث مجال آخر.
إذن لقد اختلف المرتضى مع معتزلة البصرة في بعض مسائل استحقاق العقاب.
ب - دوام الثواب والعقاب (الخلود)
صار هذا البحث مثاراً لجدل طويل وعريض بين المتكلّمين، وقد أثاره المعتزلة في البداية، ثم دخل في أروقة البحث الكلامي. وقد ركّز المعتزلة بحوثهم على دوام عقاب مرتكب الكبيرة، فذهبوا إلى أنّ مرتكب الكبيرة خالد في جهنّم لا محالة،