المعاد۱. ولم يصرّح في مباحث الوعيد العقلي باسم «الوعيد العقلي»، لكن بما أنّ بحثه عن هذه المباحث كان بحثاً عقلياً ومرتبطاً بمسائل العقاب، لذلك ناسب أن يسمّى بالوعيد العقلي.
ونحاول في هذا المجال أن نسلّط الضوء على أهمّ أبحاث الوعيد العقلي والسمعي لنتبيّن مواطن الخلاف بين المرتضى والمعتزلة.
أ - استحقاق الثواب والعقاب
دارت بين المتكلّمين بحوث موسّعة حول استحقاق الثواب والعقاب، وأنّهما على أيّ شيء يُستحقّان؟ وهل استحقاقهما يَثبت بالعقل أو السمع؟ لذلك انقسم البحث إلى قسمين:
استحقاق الثواب: يشترط في استحقاق الثواب أن يكون الفعل شاقّاً. وهذا هو الفارق بين الثواب والمدح، فلا يشترط في الفعل الممدوح عليه أن يكون شاقّاً، بينما يشترط في الفعل المثاب عليه أن يكون شاقّاً، ولهذا يصحّ أن يُمدح الله تعالى على أفعاله، بينما لا يصحّ أن يُثاب عليها؛ لأنّه لا يوجد شيء شاقّ عليه تعالى۲.
إنّ البحث عن استحقاق الثواب على الأفعال بحث عقلي، فالعقل يدرك أنّ المكلّف إذا فعل طاعة فإنّه يستحقّ أن يثاب عليها، وأن يَقترن ذلك بالتعظيم والإجلال۳.
استحقاق العقاب: يشترط في استحقاق العقاب أن يكون فاعلُ القبيح أو المُخِلُّ بالواجب إنّما اختار ذلك بسبب ما فيه من نفع ومصلحة تعود عليه؛ وذلك لأنّه لو لم يكن كذلك، فلو فرضنا أنّه تعالى فعل القبيح - باعتبار أنّه تعالى قادر على القبيح، وإن لم يكن يفعله - لاستحقّ عليه العقاب، ولا أحد يقول بذلك، لكن إذا اشترطنا في العقاب أن تكون في الفعل مصلحة تعود على العاصي، فسوف لن يستحقّ تعالى العقاب، وإن فعل القبيح، لكنّه يستحقّ الذمّ (تعالى عن ذلك)؛