هذه إلى حداثة فكرة إضافة المعجزة إلى أساليب معرفة الإمام، حيث كان يتطلّب تثبيت هذا الأمر إلى وقت أكثر، أو إلى اشتهار «دليل العصمة» كدليل على النصّ فقط دون أي شيء آخر.
ثم إنّ التطوّر الذي أشرنا إليه - أي إضافة عنصر المعجزة كعنصر جديد لمعرفة الإمام - قد ترك أثره على شرط النصّ - كأحد الشروط التي يجب أن يتمتّع بها الإمام إلى جانب العصمة وغيرها من شروط - وعلیٰ دليله، وذلك كما يلي:
أمّا أثره على نفس شرط النصّ، فيظهر من خلال مراجعة كلام مجموعة من متكلّمي الإمامية:
فقد قال الشيخ المفيد عند استعراضه لشرط النصّ: «واتّفقت الإمامية على أنّ الإمامة لا تثبت - مع عدم المعجز لصاحبها - إلّا بالنصّ على عينه والتوقيف»۱. فهذه محاولة واضحة للحفاظ على شرط النصّ بأيّ طريقة، مع الأخذ بنظر الاعتبار شرط الإعجاز.
ثم جاء دور الشريف المرتضى ليجعل شرط الإعجاز إلى جانب النصّ، كما تقدّم آنفاً في بعض عباراته.
وقد نسج على منوال المرتضى بعض المتكلّمين، مثل الشيخ سديد الدين الحُمُّصي، حيث قال: «فأمّا الطريق إلى تعيين الإمام، فعندنا إنّما هو النصّ من جهته تعالى عليه، أو ما يقوم مقامه من المعجز»۲.
إلى أن وصلت النوبة إلى العلّامة الحلّي ليُدخل تطويراً كبيراً على مفهوم «النصّ»، ليجعله شاملاً للمعجزة، فصار شرط معرفة الإمام هو النصّ فقط، لكن المقصود بالنصّ هو إمّا النصّ القولي أو النصّ الفعلي الذي هو المعجزة، فقد صارت المعجزة نوعاً من النصّ، لكنّه نصّ فعلي. قال العلّامة الحلّي: «والنصّ إمّا بخلق معجز على يده [أي الإمام] عقيب ادّعاء الإمامة، أو بتعيين المعصوم عليه، كنبيّ أو إمام»۳.