181
الشريف المرتضى و المعتزلة

وذهب المرتضى إلى أنّ الاستطاعة هي القدرة۱، وأنّ القدرة هي صحّة الفعل وإمكانه۲، وأنّها متقدّمة على الفعل۳، كما ذهب إلى أنّ القدرة تحلّ الجملة - أي كلّ الجسد - لا المحلّ۴، ونفى أن تكون القدرة هي الصحّة والسلامة۵.

لقد وافق المرتضى المعتزلة بصورة عامّة في أكثر هذه الأبحاث، لكن تقدّم أنّ جذور بعضها موجود في كلمات أصحاب الأئمّة علیهم السّلام مثل زرارة الذي يمكن اعتبار المعتزلة قد أخذوا منه بعض النظريات، وبذلك لا يمكن اعتبار المرتضى تابعاً للمعتزلة في كلّ مسائل الاستطاعة، ما دامت تلك النظريات موجودة في تراثه، نعم يمكن أن يقال إنّه استفاد من بعض كلامهم واستدلالاتهم في هذا المجال. فالمتابعة هنا إن كانت، فلیست في کلّ شيء.

۷. التكليف

من الأبحاث المتعلّقة بالأفعال الالهية بحث التكليف، فبما أنّ الإنسان مكلَّف بالإيمان بالعقائد الصحيحة، وبما أنّ المكلَّف - بالكسر - هو الله تعالى، والتكليف من أفعاله، لذلك كان من المناسب البحث عن حقيقة التكليف وشروطه، إضافة إلى البحث عن شروط المكلَّف - بالكسر -، والمكلَّف - بالفتح -، وذلك في ضمن بحث العدل والأفعال الإلهية، حاله حال بحث اللّطف، والعوض، وغير ذلك من الأفعال الإلهية.

إنّ التكليف عبارة عن «إرادة المريد من غيره ما فيه كلفة ومشقّة»۶، فإنّ من يأمر شخصاً بفعل من دون أن يريد ذلك الفعل حقّاً لا يسمّى مكلَّفاً - بالكسر - على خلاف ما لو أراده. كما أنّ إرادة ما لا كلفة ولا مشقّة فيه لا يسمّى تكليفاً ایضاً۷.

1.. المرتضی، رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبرية)، ج۱، ص۱۴۴.

2.. المرتضی، الذخيرة، ص۸۰.

3.. المصدر السابق، ص۸۸؛ رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبرية)، ج۱، ص۱۴۵.

4.. المصدر السابق، ص۸۱.

5.. المصدر السابق، ص۱۰۵؛ القاضي عبد الجبّار، المغني (التكليف)، ج۱۱، ص۲۹۵.

6.. المرتضی، الذخيرة، ص۱۰۵.


الشريف المرتضى و المعتزلة
180

الاستطاعة خمسة أشياء: الصحّة، وتخلية الشؤون، والمدّة في الوقت، والآلة التي بها يكون الفعل، والسبب الوارد المهيَّج۱. أي أنّ بعض أجزاء الاستطاعة تكون قبل الفعل، وهي الأربعة الأولى، وبعضها يكون معه ويوجبه، وهو الجزء الأخير، فإنّه عند ورود السبب المهيَّج من الله تعالى يجب أن يتحقّق الفعل۲. ويمكن العثور على جذور لهذه النظرية في روايات أهل البيت علیهم السّلام، وقد فُسَّر «السبب المهيَّج» في هذه الروايات بأنّه «النيّة» التي تدعو الإنسان إلى جميع الأفعال۳.

فهذه هي أهمّ النظريات المطروحة بين متكلّمي عصر الأئمّة علیهم السّلام.

وقد اهتمّ المعتزلة من بين المتكلّمين على الخصوص ببحث القدرة باعتبار إيمانهم باختيار الإنسان وحرّيته في أفعاله، فمن المسائل المهمّة التي طرحوها في هذا المجال وأجمعوا عليها هي مسألة تقدّم القدرة على الفعل۴، فيما خالف الأشاعرة في ذلك، وذهبوا إلى أنّ القدرة تكون مع الفعل۵.

وأمّا هل القدرة غير الصحّة والسلامة أم لا؟ انقسم المعتزلة فيما بينهم على رأيين، رأي يقول إنّها غير الصحّة وهو ما ذهب إليه أبو الهذيل، ومعمر، والمردار۶، والقاضي عبد الجبّار۷. ورأي آخر يقول إنّها الصحّة، وهم بشر بن المعتمر، وثمامة بن الأشرس، وغيلان۸، وأبو القاسم البلخي۹، وأستاذه الخيّاط المعتزلي۱۰.

1.. المصدر السابق، ص۴۲.

2.. المصدر السابق، ص۴۲ - ۴۳.

3.. الحرّاني، تحف العقول، ص۴۷۳.

4.. الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص۲۳۰.

5.. الجويني، الإرشاد، ص۱۹۷.

6.. الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص۲۲۹.

7.. مانکدیم، شرح الأصول الخمسة، ص۲۶۳ - ۲۶۴.

8.. النيسابوري، المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين، ص۲۵۰، ۲۴۱؛ المشهداني، الفلسفة الإلهية عند المعتزلة، ص۲۶۶.

9.. الخيّاط، الانتصار، ص۱۳۲.

  • نام منبع :
    الشريف المرتضى و المعتزلة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1194
صفحه از 275
پرینت  ارسال به