وذهب المرتضى إلى أنّ الاستطاعة هي القدرة۱، وأنّ القدرة هي صحّة الفعل وإمكانه۲، وأنّها متقدّمة على الفعل۳، كما ذهب إلى أنّ القدرة تحلّ الجملة - أي كلّ الجسد - لا المحلّ۴، ونفى أن تكون القدرة هي الصحّة والسلامة۵.
لقد وافق المرتضى المعتزلة بصورة عامّة في أكثر هذه الأبحاث، لكن تقدّم أنّ جذور بعضها موجود في كلمات أصحاب الأئمّة علیهم السّلام مثل زرارة الذي يمكن اعتبار المعتزلة قد أخذوا منه بعض النظريات، وبذلك لا يمكن اعتبار المرتضى تابعاً للمعتزلة في كلّ مسائل الاستطاعة، ما دامت تلك النظريات موجودة في تراثه، نعم يمكن أن يقال إنّه استفاد من بعض كلامهم واستدلالاتهم في هذا المجال. فالمتابعة هنا إن كانت، فلیست في کلّ شيء.
۷. التكليف
من الأبحاث المتعلّقة بالأفعال الالهية بحث التكليف، فبما أنّ الإنسان مكلَّف بالإيمان بالعقائد الصحيحة، وبما أنّ المكلَّف - بالكسر - هو الله تعالى، والتكليف من أفعاله، لذلك كان من المناسب البحث عن حقيقة التكليف وشروطه، إضافة إلى البحث عن شروط المكلَّف - بالكسر -، والمكلَّف - بالفتح -، وذلك في ضمن بحث العدل والأفعال الإلهية، حاله حال بحث اللّطف، والعوض، وغير ذلك من الأفعال الإلهية.
إنّ التكليف عبارة عن «إرادة المريد من غيره ما فيه كلفة ومشقّة»۶، فإنّ من يأمر شخصاً بفعل من دون أن يريد ذلك الفعل حقّاً لا يسمّى مكلَّفاً - بالكسر - على خلاف ما لو أراده. كما أنّ إرادة ما لا كلفة ولا مشقّة فيه لا يسمّى تكليفاً ایضاً۷.
1.. المرتضی، رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبرية)، ج۱، ص۱۴۴.
2.. المرتضی، الذخيرة، ص۸۰.
3.. المصدر السابق، ص۸۸؛ رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الطبرية)، ج۱، ص۱۴۵.
4.. المصدر السابق، ص۸۱.
5.. المصدر السابق، ص۱۰۵؛ القاضي عبد الجبّار، المغني (التكليف)، ج۱۱، ص۲۹۵.
6.. المرتضی، الذخيرة، ص۱۰۵.