قال أبو هاشم الجبّائي - الخوف من الضرر إذا ترك النظر، والأمل في دفع ذلك الضرر إذا فَعَل النظر۱.
وبما أنّ الباعث نحو النظر في معرفة الله تعالى هو الخوف من التعرّض للضرر، فلابدّ من معرفة العوامل المساعدة على تحقّق هذا الخوف. يرى المرتضى أنّ العامل الرئيسي لتحقّق الخوف عند الإنسان هو أنّ مَن يَحيى بين الدعاة إلى الله تعالى وأصحاب الشرائع ومثبتي النبوّات الذين يحذّرون من النار والعقاب الدائم فيها بسبب إهمال المعرفة، ويرغّبون الناس من خلال الوعد بالثواب الجزيل الدائم، أنّ من يكون هكذا لابدّ أن يخاف من ترك المعرفة، فالعقلاء يخافون من تحذيرٍ أقلّ من هذا المقدار بكثير، فكيف إذا كان بهذا المقدار۲. وهذه الطريقة في حصول الخوف تحصل لدى معظم الناس، لكن إذا افترضنا فرضاً أنّ شخصاً كان يعيش وحيداً في مكان ناءٍ عن المجتمعات البشرية فما هو السبيل لحصول الخوف عنده، حتّى يحاول رفعه من خلال المعرفة بالله تعالى؟ يجيب المرتضى باقتراح عدّة طرق:
أوّلاً: أن يدعوه داع، ويخوَّفه مخوَّف۳، ويشير إليه بالأمارات القائمة في عقله، فيؤدّي به إلى الخوف.
ثانياً: وهذه الطريقة تحصل لبعض الأشخاص النابهين، وأصحاب العقول السليمة، وهي أن يمتلك الإنسان قدرة ذاتية على التفكير في أحوال نفسه، فيشاهد آثار الصنعة فيها وأمارات النِعم عليه، فيتنبّه إلى احتمال وجود خالق له تجب معرفته، وأنّه قد يؤدّي ترك معرفته إلى الخطر والضرر، فيتحرّك نحو النظر.
ثالثاً: إن لم تتحقّق الطريقتان الأوليان فهناك طريقة ثالثة مقترحة وهي المعروفة ب «الخاطر»، وتعني أن يقوم الله تعالى بإلقاء كلامٍ داخل سمع المكلّف ينبّهه فيه على