أساسه «العلم». فالعلم هو الأساس الذي بنى المرتضى عليه فكره وآرائه، وكأنّه قد تحوّل العلم عنده إلى مظلّة كبيرة، فكلّ ما دخل تحتها اكتسب قيمة علمية، وأمكن اعتماده في اكتشاف الحقائق وتبنّي الآراء، سواء كان هو العقل أو غيره.
۲. الأدوات العلمية المعتمَدة عند المرتضى: بعد اتّضاح ما تقدّم، يمكننا أن ننتقل إلى الإجابة على السؤال الثاني، وهو هل يوجد إلى جانب العقل أدواتٌ علمية أخرى يمكن اعتمادها لتحصيل «العلم» ببعض المسائل الكلامية؟
للإجابة نقول: عند مراجعة النتاج الكلامي للمرتضى نجده قد اعتمد - إلى جانب العقل - على أدوات علمية ومعرفية أخرى، وهي الخبر المتواتر والإجماع، وسبب ذلك يرجع إلى أنّ هاتين الأداتين تؤدّيان في نتائجهما إلى «العلم» الذي هو أساس القبول والرفض عند المرتضى.
إذن لقد اعتمد المرتضى في بحوثه الكلامية على ثلاثة أنواع على الأقلّ من الأدوات المعرفية، هي العقل والتواتر والإجماع، وقد كان العنصر المشترك بينها والذي دعا المرتضى إلى الاعتماد عليها هو أنّها تؤدّي إلى «العلم». ولهذا نحاول في هذا المجال التوفّر على دراسة هذه الأدوات المعرفية، للتعرّف أكثر على منهجية البحث عند المرتضى، وذلك من خلال البحوث التالية:
أوّلاً: العقل
يمتلك العقل في المنظومة الفكرية للمرتضى دوراً أساسياً ومُهمّاً للغاية، فعلى أساسه يتمّ بناء اللّبنات الأولى لهذه المنظومة والبناء الفكري، كما يتمّ تقديمه في الكثير من الحالات على نظرائه من مصادر الفكر الأخرى، كالكتاب والسنّة.
وقبل التعرّف على أهمية هذا المصدر المعرفي، ينبغي أن نتعرّف على حقيقته وماهيته عند المرتضى:
تعريف العقل
تمهيد: في البدء يجب التعرّف على الجوّ والمناخ الذي كان المرتضى يتحرّك فيه، والذي قام بتعريف العقل من خلاله، فإنّ الباحث قد يتوقّع أن يعثر على تعريف