كلمة المعهد

يُعدّ عصرنا الراهن عصر إعادة إحياء الهوية الدينية، والنهوض المذهبي والمعنوي، وقد تجلّت هذه الظاهرة عند الشيعة الإمامية بصورة أوضح من الآخرين، وانتهت إلى أن تركت أثرها العميق في المجال الثقافي والسياسي على مناطق النفوذ الطبيعية للشيعة. وقد كان هذا النفوذ والتأثير على مرأى ومسمع من الآخرين، ما حفّز المنافسين على المواجهة والتحدّي، ودعا غير المطّلعين الى البحث والتنقيب.

ويمكن مشاهدة تلك الآثار على جميع الأصعدة العلمية والإعلامية بكل وضوح، ومن مظاهرها انتشارُ مراكز دراسات التشيّع في شرق الأرض وغربها، والقيام بمختلف الدراسات الموسّعة والمحدودة، وعقد المؤتمرات والندوات المختصّة بالتاريخ والفكر الشيعي في مختلف أنحاء العالم، أضف إلى ذلك توجيه الكثير من الرسائل الجامعية، وفُرَص البحث نحو المواضيع المرتبطة بالتشيّع، إضافة إلى طباعة مئات الكتب والدراسات العلمية المتعلّقة بهذا المجال. كلّ هذه النشاطات إنّما هي جانبٌ من النشاطات الثقافية - بحسب الظاهر - التي بُذلت في خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وهي تقف إلى جانب الهجمة الإعلامية الشرسة الموجَّهة نحو تشويه سمعة التشيّع والشيعة بصورة خاصّة، الأمر الذي يكشف عن مدى حجم التحدّي الذي تواجهه الحوزات العلمية الشيعية في هذه المواجهة غير العادلة.

إنّ إطلالة سريعة على هذا المشروع العلمي والإعلامي تعطي امتلاك الجانب الفكري الشيعي للحصّة الأكبر من هذا المشروع بالنسبة إلى باقي الجوانب، فقد بُذلت فيه محاولات حثيثة لتقديم صورة غير حقيقية، وعَرْض تاريخ مظلم للتشيّع،