209
میراث تفسیری حسین بن سعید اهوازی

وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)۱، ثُمَّ قالَ في جَماعَتِهِم: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)۲، يَقولُ: أكرَمَهُم بِها و فَضَّلَهُم عَلىٰ مَن سِواهُم.
و أمّا ما ذَكَرتُ مِن أصحابِ المَيمَنَةِ فَهُمُ المُؤمِنونَ حَقّاً بِأعيانِهِم، فَجَعَلَ فيهِم أربَعَةَ أرواحٍ: روحَ الإيمانِ، و روحَ القُوَّةِ، و رَوحَ الشَّهَوَةِ، و روحَ البَدَنِ؛ و لا يَزالُ العَبدُ يَستَكمِلُ بِهٰذِهِ الأرواحِ الأربَعَةِ حَتّىٰ تَأتِيَ حالاتٌ.
قالَ: و ما هٰذِهِ الحالاتُ؟
فَقالَ عَلِيُّ علیه السلام: أمّا أوَّلُهُنَّ فَهُوَ كَما قالَ اللّٰهُ: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا)، فَهٰذا يَنقُصُ مِنهُ جَميعُ الأرواحِ، و لَيسَ مِنَ الَّذي يَخرُجُ مِن دينِ اللّٰهِ؛ لِأنَّ اللّٰهَ الفاعِلُ ذٰلِكَ بِهِ رَدَّهُ إلىٰ أرذَلِ عُمُرِهِ، فَهُوَ لا يَعرِفُ لِلصَّلاةِ وَقتاً، و لا يَستَطيعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّيلِ و لَا الصِّيامَ بِالنَّهارِ و لَا الِقيامَ في صَفٍّ مِنَ النّاسِ، فَهٰذا نُقصانٌ مِن روحِ الإيمانِ، فَلَيسَ يَضُرُّهُ شَيءٌ إن شاءَ اللّٰهُ. و يَنقُصُ مِنهُ روحُ القُوَّةِ؛ فَلا يَستَطيعُ جِهادَ عَدُوِّهِ، و لا يَستَطيعُ طَلَبَ المَعيشَةِ. و يَنتَقِصُ مِنهُ روحُ الشَّهوَةِ؛ فَلَو مَرَّت بِهِ أصبَحُ بَناتِ آدَمَ لَم يَحِنَّ إلَيها و لَم يَقُم. و يَبقىٰ روحُ البَدَنِ؛ فَهُوَ يَدِبُّ و يَدرُجُ حَتّىٰ یَأتيهِ مَلَكُ المَوتِ، فَهٰذا حالُ خَيرٍ لِأنَّ اللّٰهَ فَعَلَ ذٰلِكَ بِهَ.
و قَد تَأتي عَلَيهِ حالاتٌ في قُوَّتِهِ و شَبابِهِ يَهُمُّ بِالخَطيئَةِ، فَتُشَجِّعُهُ روحُ القُوَّةِ و تُزَيِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهوَةِ و تَقودُهُ رُوحُ البَدَنِ حَتّىٰ توقِعَهُ فِي الخَطيئَةِ، فَإذا مَسَّهَا انتَقَصَ مِنَ الإيمانِ، و نُقصانُهُ مِنَ الإيمانِ لَيسَ بِعائِدٍ فيهِ أبَداً أو يَتوبَ، فَإن تابَ و عَرَفَ الوَلايَةَ تابَ اللّٰهُ عَلَيهِ، و إن عادَ و هُوَ تارِكُ الوَلايَةِ أدخَلَهُ اللّٰهُ نارَ جَهَنَّمَ.
و أمّا أصحابُ المَشئَمَةِ فَهُمُ اليَهودُ وَ النَّصارىٰ، قَولُ اللّٰهِ تَعالىٰ: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)۳ في منازلهم، (وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) الرَّسولُ مِنَ اللّٰهِ إلَيهِم بِالحَقِّ (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)، فَلَمّا جَحَدوا ما عَرَفُوا

1.. بقره: آیۀ ۲۵۳.

2.. مجادله: آیۀ ۲۲.

3.. بقره: آیۀ ۱۴۶.


میراث تفسیری حسین بن سعید اهوازی
208

جَعَلَ فيهِم خَمسَةَ أرواحٍ: أيَّدَهُم بِروحِ القُدُسِ؛ فَبِهِ بُعِثوا أنبِياءَ، و أيَّدَهُم بِروحِ الإيمانِ؛ فَبِهِ خافُوا اللّٰهَ، و أيَّدَهُم بِروحِ القُوَّةِ؛ فَبِهِ قَوُوا عَلىٰ طاعَةِ اللّٰهِ، و أيَّدَهُم بِروحِ الشَّهوَةِ؛ فَبِهِ اشتَهَوا طاعَةَ اللّٰهِ و كَرِهوا مَعصِيَتَهُ، و جَعَلَ فيهِم روحَ المَدرَجِ الَّذي يَذهَبُ بِهِ النّاسُ و يَجيئونَ.
وجَعَلَ فِي المُؤمِنينَ أصحابِ المَيمنة روحَ الإيمانِ؛ فَبِهِ خافُوا اللّٰهَ، و جَعَلَ فيهِم روحَ القُوَّةِ؛ فَبِهِ قَوُوا عَلىٰ الطّاعَةِ مِنَ اللّٰهِ، و جَعَلَ فيهِم روحَ الشَّهوَةِ؛ فَبِهِ اشتَهَوا طاعَةَ اللّٰهِ، و جَعَلَ فيهِم روحَ المَدرَجِ الَّتي يَذهَبُ النّاسُ بِهِ و يَجيئونَ.۱

۲۸۱.طریق ۲، عَن مُحَمَّدِ بنِ داودَ، عَنِ ابنِ هارونَ العَبدِيٍّ، عَن مُحَمَّدٍ، عَنِ الأصبَغِ بنِ نُباتَةَ، قالَ: أتىٰ رَجُلٌ أميرَ المُؤمِنينَ علیه السلام فَقالَ: أُناسٌ يَزعُمونَ أنَّ العَبدَ لا يَزني و هُوَ مُؤمِنٌ، و لا يَسرِقُ و هُوَ مُؤمِنٌ، و لا يَشرَبُ الخَمرَ و هُوَ مُؤمِنٌ، و لا يَأكُلُ الرِّبا و هُوَ مُؤمِنٌ، و لا يَسفِكُ الدَّمَ الحَرامَ و هُوَ مُؤمِنٌ؛ فَقَد كَبُرَ هٰذا عَليَّ و حَرِجَ۲ مِنهُ صَدري، حَتّىٰ زَعَمَ أنَّ هٰذَا العَبدَ الَّذي يُصَلّي إلىٰ قِبلَتي و يَدعو دَعوَتي و يُناكِحُني و أُناكِحُهُ و يُوارِثُني و اُوارِثُهُ فَأُخرِجُهُ مِنَ الإيمانَ مِن أجلِ ذَنبٍ يَسيرٍ أصابَهُ!
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ علیه السلام: صَدَقَكَ أخوكَ، إنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّٰهِ صلی الله علیه و اله و هُوَ يَقولُ: خَلَقَ اللّٰهُ الخَلقَ و هُوَ عَلىٰ ثَلاثَةِ طَبَقاتٍ و أنزَلَهُم ثَلاثَ مَنازِلَ، فَذٰلِكَ قَولُهُ تَعالىٰ فِي الكِتابِ: (أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) وَ (أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) وَ (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ).
فَأمّا ما ذَكَرتُ مِنَ السّابِقينَ فَأنبِياءُ مُرسَلونَ و غَيرُ مُرسَلينَ، جَعَلَ اللّٰهُ فيهِم خَمسَةَ أرواحٍ: روحَ القُدُسِ، و روحَ الإيمانِ، و روحَ القُوَّةِ، و روحَ الشَّهوَةِ، و روحَ البَدَنِ؛ فَبِروحِ القُدُسِ بُعِثوا أنبِياءَ مُرسَلينَ و غَيرَ مُرسَلينَ، و بِروحِ الإيمانِ عَبَدُوا اللّٰه و لَم يُشرِكوا بِهِ شَيئاً، و بروحِ القُوَّةِ جاهَدوا عَدُوَّهُم و عالَجوا مَعايِشَهُم، و بِروحِ الشَّهوَةِ أصابُوا اللَّذيذَ مِنَ الطَّعامِ و نَكَحُوا الحَلالَ مِن شَبابُ النِّساءِ، و بِروحِ البَدَنِ دَبّوا و دَرَجوا، ثُمَّ قالَ: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّٰه وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ) فَوقَ بَعضٍ (دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ

1.. بصائر الدرجات: ص ۴۶۵ ح ۱، الکافی: ج ۱ ص ۲۷۱ ح ۱.

2.. این واژه در منبع حدیث: «جرح» آمده است که براساس بحار الأنوار تصحیح شد.

  • نام منبع :
    میراث تفسیری حسین بن سعید اهوازی
    سایر پدیدآورندگان :
    صدیقه سادات میردامادی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 1297
صفحه از 336
پرینت  ارسال به